إن المعلم هو العنصر الفعّال في عملية التعليم ، فبمقدار ما يحمل في رأسه من علم وفكر ، وما يحمل في قلبه من إيمان برسالته ، ومحبة لتلاميذه ، وما أوتي من موهبة وخبرة في حسن طريقة التعلم يكون نجاحه وأثره في أبنائه وطلابه وكثيراً ما كان المعلم الصالح عوضا عن ضعف المنهج وضعف الكتاب ،وكثيراً ما كان هو المنهج والكتاب معاً، فالمعلم هو الربان الذي يسخر براعته ومهارته في إيجاد التناسق والتفاعل الإيجابي بين العوامل التي تؤثر على سير السفينة نحو وجهتها بسهولة ويسر، ولا شك أن شخصية معلم تعلب دوراً مهما في إيجاد المحبة والمودة بينه وبين تلاميذه .. فما هي مقومات الشخصية التي يجب أن تتوفر في المعلم؟
من هذه المقومات:
- الإخلاص
والتقوى: وهما عاملان ضروريان لنجاح المعلم في أداء رسالته
قال تعالى: " الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيّكم أحسن عملاً "،
وإحسان العمل لا يكون إلا بالإخلاص والتقوى، وشعور المعلم بأن ما
يقوم به هو رسالة سامية يستحق عليها الأجر والثواب من الله
تعالى يدفعه للعمل بفاعلية وكفاءة وإتقان امتثالاً
لقوله صلى الله عليه واله وسلم: " أن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً
أن يتقنه"، إن شعور التلاميذ بإخلاص معلمهم وحرصه على مرضاة الله
تعالى يغرس في نفوسهم شعوراً عميقاً بالمسئولية وتدفعه لأداء
واجباتهم برغبة وبصورة مستمرة كما أنه يغرس في نفوسهم محبة
معلمهم ومدارسهم .
- قوة الشخصية: إن قوة الشخصية عامل
مهم جداً في نجاح المعلم في إدارة صفه وحسن قيادته لتلاميذه ، من
خلال حديثه ونظراته إليهم ، ودون أن يلجأ إلى الصراخ أو رفع
الصوت أو حمل العصا والتهديد والوعيد بل بما يملكه من قدرات قيادية
وغزارة علمٍ ومحبةٍ لتلاميذه، ونعني بقوة الشخصية في التدريس القوة
المعنوية التي تمكن المدرس في أن يمتلك زمام صفه وَتحمل
تلاميذه على أن يقبلوا عليه ، ويمتزجوا به ويستجيبوا له، وطبيعي أن
هذه الشخصية لا ترتبط دائما بضخامة الجسم أو جهامة الوجه أو غلظ
الصوت.
- الذكاء: فالذكاء من أهم الصفات التي يحتاج إليها المدرس كما يحتاج إلى العقل المرن وبعد النظر وتنويع الأساليب لأصناف الناس ، كما يحتاج إلى تفهم نفسيات المخاطبين وعقولهم وواقعهم ومستوياتهم الخلفية واتجاهاتهم، فالمعلم في أي مرحلة من مراحل التعليم لابد أن يكون على مرتبة مقبولة من الذكاء ليتمكن من توصيل المعلومات لطلابه من أيسر السبل وأفضلها ، وإن ذكائه كفيل بأن يبقى احترام طلابه له وتنقذه من كثير من المواقف المحرجة ويساعده على ترتيب المعلومات، ومن مقومات الذكاء في أداء المعلم قدرته على الإبداع والتأمل في التعامل مع المعلومات، لأن دور المعلم يتعدى مجرد تقديم المعلومات وشرح المفاهيم إلى استنارة تفكير التلاميذ نحو التأمل والتحليل والوقوف على مشارف حقائق وتفسيرات ونظرات جديدة وهنا لا بد أن نذكر اخواتي المعلمات أن من علامات ذكاء المعلم أن يحفظ أسماء تلاميذه ويناديهم بها، لا أن تنتهي السنة الدراسية وهو لم يحفظ نصف أسمائهم.
إن مناداة التلميذ باسمه يرفع معنوياته ويجذبه إلى أستاذه الأمر الذي يقوى العلاقة بينهما بينما مناداته بـ (يا هذا) أو (أنت) و (أنت) يغرس في نفسه الجفاء والبعد ومن علامات الذكاء أن يحفظ المعلم مواعيده مع طلابه فلا ينساها أو يتناساها، ويذكر كل طالب بما قام به من عمل أو نشاط أو جهد، ومن الذكاء وحضور البديهة وسرعة الخاطر وغير ذلك مما يحتاج إليه المدرس لحسم المشكلات الطارئة ، وحسن التصرف في المواقف التي لم تدخل في حسبانها.
- الحماس: من الخصائص الانفعالية اللازمة للمعلم قدرته على إظهار الحماس اللازم في عمله بدرجة إيجابية لتثير المتعلمين وتدفعهم نحو عملية التعلم والمشاركة فيها بفاعلية وحماس، ومن علامات حماس المعلم أن يظهر اعتزازه بمهنته وأن يذكرها في المجالس بافتخار واعتزاز ، وأن يرفع رأسه عالياً ويقول أن معلم ولا فخر ، أما المعلم الذي يخجل من مهنته ويتوارى من الناس حياءً وخجلاً ليس بمعلم ولا يمكن أن يحبه طلابه ، إن من أراد أن يحبه تلاميذه يفخر أمامهم بعمله فيفخرون به ويحبونه ، أما عندما يرى التلاميذ أستاذهم يسخر من مهنته فإنه يسقط من عيونهم ويكون سبباً في احتقار التلاميذ لمهنة التعليم والمعلمين جميعاً، إن الشخص الذي يختار التدريس كمهنة ومستقبل يجب أن يتحمل مسؤولية احترام مهنته والارتباط بمثلها العليا، إن المعلم المتحمس لمهنته ومادته، يعتبر نموذجاً سلوكياً جيداً لتلاميذه ويدعوهم إلى حبه وتقليده لا شعورياً في هذه الصفات وعلى النقيض من ذلك، فإن المعلم الخمول واللابالي يبعث في تلاميذه شعوراً بالملل والرتابة ، والجمود فيؤدي إلى فتور المتعلمين وسلبيتهم وكراهيتهم للمادة الدراسية، إذن علينا أن نؤدي هذه المهنة بكل ما تحمله من معانٍ سامية كي نرضي الله أولاً وآخراً.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: اللبنة الأولى - الحلقة
الثانية
المشورة نافذة البصيرة وقوة الفكر
اقلام على خطى الزهراء (عليها السلام)