تعتبر المرحلة الثانوية من المراحل الدراسية الهامة حيث يقطف الطلاب فيها ثمرة جهودهم التي بذلوها في المرحلة الابتدائية والمتوسطة والطالب في هذه المرحلة يمر بفترة حرجة من مراحل النمو وهي مرحلة المراهقة حيث تظهر فيها العديد من المشاكل والميول والاتجاهات والرغبات والحاجات فإذا لم يتم فيها توجيههم من قبل الأباء والمعلمين توجيهاً سليماً في ظل إطار شرعي وتربوي مرن بعيداً عن التهاون والتساهل والتخلي عن المبادئ والمثل والقيم وبعيداً عن التصرفات العصبية الرعناء فإن الشباب في هذه المرحلة يضيعون في لجج الفتن ومزالق الرذيلة مما يؤدي بهم إلى الانحطاط والفشل وعدم القدرة على مواجهة متطلبات الحياة وأن المتأمل لواقع طلاب المرحلة الثانوية يجد أنهم لديهم العديد من التصرفات والسلوكيات السيئة أوقعتهم في الكثير من المشاكل كالتهاون في الصلاة أو حتى تركها، وعقوق الوالدين والتدخين والمعاكسة في الأسواق والكذب والميوعة ومحاكاة الغرب في قصات الشعور وفي ملابسهم وفي حركاتهم والتمرد على أنظمة المدرسة والهروب منها والعبث بممتلكاتها والاعتداء على الآخرين وإظهار السلوك العدواني والعناد أمام المعلمين وغير ذلك من التصرفات السيئة ومن أبرز النتائج السلبية التي تنتج عن ظهور مثل هذه السلوكيات السيئة مستمعاتي هي التأثير على سلوكيات الطلاب الآخرين حيث تنتقل العدوى من طالب سيئ إلى طالب يتصف بالسلوكيات الحسنة خصوصاً عند غياب النصح والتوجيه وضعف التحصيل الدراسي عند بعض فضلا عن الهدر الاقتصادي الناتج عن العبث بالممتلكات ولعل من أبرز الأسباب التي أدت إلى وقوع الشباب في مثل هذه المشاكل هو ضعف الوازع الديني والجهل بأحكام الشريعة وغياب القدوة الحسنة سواءً من أولياء الأمور أو من المعلمين فضلاً عن التفكك الأسري وانشغالها بمباهج الحياة مما أدى إلى تخلي الأبوين عن دورهما الأساسي في التربية وإسداء النصح والتوجيه لأبنائهما في هذه المرحلة الحساسة كما إن بعض المعلمين لهم سلوكيات سيئة وتصرفات غير لائقة يُظهروها أمام الطلاب مما يؤثر سلباً عليهم والبعض الآخر من المعلمين تقع عينه على بعض هذه السلوكيات المنحرفة ولا يقوم بالتوجيه والنصح والإرشاد بل يكون همه الأول فقط تدريس الطلاب مادته العلمية وإنهائها في الوقت المحدد.
وحتى يمكننا أن نحد من هذه المشاكل بين الطلاب في هذه الفترة الحرجة لابد أن نضع العلاج المناسب لها ولا يتم ذلك الا اذا بذل المعلم ما في وسعه في النصح والتوجيه حيث أن دوره لا يقتصر فقط على توصيل المعلومات للطلاب فقط وإنما يتعدى دوره إلى أهم من ذلك وإذا قارنا بين عدد الساعات التي يعيشها الطالب مع معلمه في المدرسة فإنها قد تصل إلى خمس أو ست ساعات يومياً لوجدنا أنها أكثر من عدد الساعات التي يلتزمها مع والديه، وإذا كان الأمر كذلك، فإن المعلم يرى من الأحوال والتصرفات التي تصدر من الطالب قد تخفى على والديه، لذا يجب عليه أن يقوم بإصلاح المعوج وتهذيب الأخلاق وتصحيح الأفكار بأسلوب المشفق الناصح وأن تكون النصيحة المقدمة للطالب سراً إن كانت خاصة بفرد معين لأن ذلك أبلغ في قبول النصيحة وأسرع للاستجابة، أما إن كانت علانية فهو توبيخ في قالب نصح لاتقبله النفس وإعطاء الطالب في هذه المرحلة الفرصة للحديث وإبداء الرأي والاستماع والإنصات له باهتمام مع مراعاة البعد عن التسلط عند الحديث معه وأن يكون توضيح ما يبدر منه من خطأ بأسلوب مقنع، فالإقناع فن لا يجيده إلا قلة من الناس ولنا في رسول الله (ص واله) أسوةٌ حسنة عندما جاءه شاب يرغب في الزنى ويستأذنه في ذلك فما قال له رسول الله (ص واله) يا فاسق أو يا منافق أو …، ورد عليه (ص واله) رداً مقنعاً هادئاً قائلاً له : يا هذا أتحبه لأمك.. أتحبه لأختك .. أتحبه لعمتك، فكانت إجابة الشاب بالنفي وخرج من عند الرسول الاكرم و(ص واله)وأبغض شيء عليه هو الزنى فضلا عن ذلك ينبغي إشغال وقت فراغ الشباب بما ينفعهم ويفيدهم وصدق الشاعر حيث قال:
إن الشباب والفراغ والجدة... مفسدة للمرء أي مفسدة
لذلك ينبغي على المدرسة العناية بتفعيل الأنشطة المدرسية وتوجيه الطلاب نحو القيام ببعض الأعمال المهنية لتنمية حب العمل لديهم كذلك ينبغي على كل معلم من خلال مادته تنمية حب القراءة والإطلاع لطلابه ، وينبغي على الأب توفير مكتبة منزلية مقروءة وسمعية ومرئية يتم اختيار مادتها بعناية و محاولة إشراك ابنه في الفترة المسائية وفي الإجازات الصيفية بالدورات المتنوعة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: برنامج ومضات مدرسية –
الحلقة الثالثة
ضرورة الرجوع لأهل البيت (عليهم السلام)