وقفات وتأملات حول الحجاب
2020/11/14
435

ليس هناك مسألة كثُر الحديث عنها في اوساط المجتمع العربي المسلم كمسألة الحجاب فما بين مؤيد ومعارض أمتلات صفحات الجرائد والمجلات واُلفت الكثير من الكتب والكتيبات فضلاً عن صفحات الانترنيت التي تحفل بعرض هذا الموضوع مرة في صورة النقاش ومرات بصور اخرى ولا زال الكثير ممن تأثر بالثقافة الحديثة يرى أن قضية الحجاب تابعة للأذواق والحريات الشخصية ولا علاقة لها بالتشريع فما دامت حرية المرأة مكفولة في ظل أي مجتمع فمن حقها أن ( تستخدم ) هذا (الاختراع) أو لا تستخدمه فهي حرة ضمن ما يعرف بـ (الحرية الشخصية ) أن تضعه أو لا تضعه وكأن هذا الشيء ( الحجاب) واحد من الملحقات الغير ضرورية في بعض الاحيان , وما اشدَّ ما ابتلينا به في السنين الاخيرة من دخول موجات جديدة من الثقافات التي يعتبرها اناس من ضرورات العصر ويعده البعض الآخر فتنة مقصودة تستهدف بلاد المسلمين لتجريدهم من روح الاسلام ويظل قسم قليل من الناس ينظرون للموضوع نظرة اشمل لا تختص بالمسلمين حسب بل تشمل جل شعوب العالم وثقافاتها لتُضرب بالصميم حتى لا تبقى في الأرض قوة تستمد بقاءها من القيم الاصيلة لتأريخ الشعوب الحافل بالثورات فيكون المستفيد من ذلك من يحمل شعار (فرق تسد).

ولازال الكثير من النساء يتذرعن بعشرات الحجج كي يتحللن من هذا القيد الثقيل وليتماشين مع روح العصر القائم على السرعة وصرعات الموضة وادعاء المساواة بالرجل الذي صار أحد المبررات حتى لا تتقيد المرأة بقيد أو شرط، ولو رجعنا الى جذور هذه المبررات لوجدناها بعيدة كل البعد عن قيم مجتمعنا فضلاً عن حدود الله تعالى التي نتعبد بها في ديننا، ولو كان من يتذرع بهذه الحجج والذرائع صاحب دين لما وصل الحال بنا الى ما وصل إليه،  فمما يوصي به الدين ان تكون المرأة بمنأى عن النظر المحرم؛ لأنه مقدمة لما هو اخطر من ذلك من الاختلاط المحرم والزنا والعياذ بالله بل الى اشد من ذلك، ومما يوصي به الدين قول الله تعالى: (قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).. فالأمر الموجه للرجل في الآية الأولى هو غضّ البصر وحفظ الفرج أما في الآية الثانية فالأمر موجه للمرأة بأن: 

 1- تغض بصرها.

 2- تحفظ فرجها.

 3- لا تبدي زينتها.

4- لا تضرب برجلها الارض حتى لا يظهر شيء من زينتها.

وقد حدّد علماؤنا الأعلام اعتماداً على روايات ائمة اهل البيت عليهم السلام ما يندرج ضمن مصاديق الزينة الواجب اخفاؤها عن الاجنبي وفصّلوا كذلك الآداب المعنوية التي ينبغي للمرأة ان تلتزم بها حتى لا تقع في المحذور واعتماداً على القرآن الكريم والروايات الشريفة كذلك فمن ذلك أن لا ترقق المرأة صوتها في حديثها مع الرجل وأن لا تطيل الكلام في غير الضروري مع غير المحارم وأن لا تمشي بكيفية تثير الفتنة في نفوس الرجال الى غيرها من الآداب .. لكننا وبدل أن يكون الدين والموروث الخلقي العربي الأصيل هما الوازع لتصرفاتنا بدأنا نستورد ثقافات أخرى لنجعلها الأنموذج الأمثل للسلوك والتفكير وبدأت المصطلحات الغربية الدخيلة تأخذ حيزاً كبيراً في مجتمعاتنا حتى بات الملتزم بالدين متخلفاً، والباقي على أخلاق الآباء والأجداد من العفة والحياء والغيرة معقداً،  وأصبحنا حريصين على محاكاة ما يعرض في الفضائيات من صيحات الموضة وتقليعات قص الشعر الى غير ذلك مما لم ينزل به الله من سلطان وكانه فرض علينا فرضاً، وتحول مفهوم الحجاب الى قطعة من القماش تلفها المرأة على رأسها او غلالة خفيفة يسمونها( الحجاب الاسلامي ) تلبسها لا تستر منها اكثر مما تكشف تحاكي بدنها وتشفُّ عمّا تحتها ويتميز هذا (الحجاب) بأنه غير مُعتَرَض عليه وانه خاضع للتصاميم التي تتفنن وتتسابق دور الازياء باجراء التغييرات عليه ابتداءاً بهيأته ومروراً بالوانه وادخال الزخارف عليه وانتهاءاً بما لا يعلمه الا الله.

 

 

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: برنامج الدرة المكنونة-الحلقة الرابعة.

 

 

 


تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا