بين القرآن والمعصوم (عليه السلام).. مَن الأفضل؟!
2024/04/26
131

كثيراً ما نواجه في مجتمعاتنا نقاشات وحوارات فكرية تدور حول شخصية الإمام المعصوم وعظمة القرآن الكريم، وقد ينزلق البعض إلى محاولة المقارنة بينهما تحت مفهوم "الأفضلية"، ومن المهم أن ندرك أن هذا النوع من المقارنات قد ينتج عن سوء فهم للمقام والدور المهم الذي يؤديه كلٌّ من القرآن والإمام في حياة المسلمين.

إن القرآن الكريم كتاب الله المعجز الذي نزل به الروح الأمين على قلب الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله)، وهو مصدر التشريع والهداية للبشرية جمعاء، فهو لا يحتوي فقط على مبادئ العقيدة والأخلاق والقوانين، بل هو كذلك دستور يضم حلولاً للمشكلات الإنسانية كافة. 

من الجانب الآخر، لدينا الإمام المعصوم الذي يُعتبر الناطق بالحق والمفسر أحكام القرآن والمبيّن معانيه، لم يرث الإمام فقط علم النبوة، بل استلم أيضاً زمام الهداية والأمانة في تفسير وتطبيق أحكام الشريعة، وهو الحافظ ذات الرسالة الغراء التي جاء بها رسول الله (صلى الله عليه وآله).

إن الحديث الذي ورد عن زيد بن ثابت يحتاج إلى تمعن وفهم عميق؛ لأن الرسول (صلى الله عليه وآله) لم يقصد المفاضلة بالشكل الذي يفهمه البعض اليوم؛ فحين يقال إن الإمام علي (عليه السلام) أفضل بحكم كونه "مترجماً لكم عن الكتاب"، وهذا يشير إلى وجود تكامل بين نص الوحي الإلهي والهداية الحيّة التي يجسدها شخص الإمام (عليه السلام) في تفسير هذا الوحي والتعايش معه.

لا يجب النظر إلى القرآن والإمام المعصوم (عليه السلام) ككيانين منفصلين، بل كثقلين لا يتمم أحدهما الآخر فحسب، بل يعملان معاً في تحقيق هداية كاملة.
ويعتبر الإمام المعصوم (عليه السلام) ضرورياً لضمان الفهم الصحيح للقرآن وتطبيقه بالشكل الذي يوافق غرض النزول، وفي المقابل، يحتاج الإمام إلى القرآن ليكون مستنداً له في كل ما يقوم به من تفسير وبيان.

فبدلاً من البحث عن "الأفضل" بينهما، المطلوب منا هو الإدراك والتقدير للوظيفة العظيمة والدور المميز لكل منهما.. إنهما معاً يشكلان الأساس الذي تقوم عليه الحياة الروحية والمعرفية لكل مسلم، وهما السبيل نحو حياة متوازنة ومستقيمة مليئة بالعلم والإيمان.

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نشرة الكفيل/ نشرة أُسبوعيةٌ ثقافيةٌ (مجانية) تصدر عن العتبة العباسية المقدسة/ العدد 966.
الشيخ حسين التميمي

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا