أوثَقُ الأسباب
2024/04/26
138

رُوي عن الإمام علي (عليه السلام) أنه قال: «وَأوْثَقُ سَبَبٍ أَخَذْتَ بِهِ: سَبَبٌ بَيْنَكَ وَبَيْنَ اللهِ سُبْحَانَهُ» (نهج البلاغة: الرسالة: 31).

إن الوصول إلى الغايات النّبيلة والأهداف الرّفيعة يحتاج إلى أسباب، وهذا هو القانون الطّبيعي في تحقيقها، لكن الأسباب تختلف من شخص إلى شخص آخر؛ فالبعض يريد الوصول إلى الكمال المادّي والحياة السّعيدة، فيعتقد أنَّ الوسيلة لأجل الحصول عليها محصور في الحصول على وظيفة أو تجارة معيّنة على الرّغم من تعرضهما للخطر والزّوال.

ولذلك، حينما يكون الإنسان دقيقاً في اختيار الهدف؛ وهو الوصول إلى الله تعالى وابتغاء الدّار الآخرة، حينئذٍ لا بد من أن يعيّن السبب الأوثق الذي يوصله لتلك الغاية السّامية، ولا يوجد سبب يمكن أن يوصل الإنسان إلى أعلى مراتب الكمال مثل الارتباط بالله تعالى؛ الذي عُبّر عنه هنا بالسبب.

 فنبّه الإمام (عليه السلام) على لزوم سبب بينه وبين الله تعالى؛ وكلُّ ما قرَّب إليه من علم وقول وفعل وعمل، "ولفظ السّبب مستعار لذلك؛ باعتبار إيصاله إلى الله، والقرب منه كالحبل الذي يوصله إلى المقصود، وظاهر أنَّه أوثق الأسباب لثباته دائماً ونجاة المتمسك به في الدنيا والآخرة..." (يُنظر: شرح نهج البلاغة، للبحراني: ج5/ص60).

 فنستنتج من ذلك أن أوثق سبب يوصل إلى الغايات هو السّبب الذي بين العبد وبين ربِّه تعالى، والعلّة في ذلك واضحة؛ لأنَّ الله تعالى بيده كلِّ شيء، ومَن أخذ بأسبابه ذلَّ له كلُّ شيء.

ومن هنا، فإنَّ التّعلق بالأسباب التي لم يدعُ لها القرآن الكريم إنَّما هو تمسك لا يُعتمد عليه، بخلاف التّمسك بالله تعالى وأوليائه (صلوات الله عليهم)؛ فإنَّه تمسكٌ قائمٌ على أصلٍ ثابتٍ؛ جذوره في الأرض وفروعه في السماء، يؤتي أُكُلَه كلَّ حين؛ وكلَّما ازدادت أسباب الوثوق بالله تعالى استطاع أن يصل إلى غاياته وأهدافه..
فالعلم بأحكام الله تعالى سبب، والعمل بها سبب، والتوسل بأهل البيت (عليهم السلام) ومودتهم سبب..
لأنَّها تُرجع في النهاية إلى الله تعالى، وإذا رجعنا إلى الله تعالى؛ فمعنى ذلك أننا أخذنا بسببٍ لا انقطاع له ولا زوال ولا فناء..
إنَّه السبب الذي لو تقطعت كلُّ السبل بنا نجونا إذا تمسكنا به.

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نشرة الكفيل/ نشرة أُسبوعيةٌ ثقافيةٌ (مجانية) تصدر عن العتبة العباسية المقدسة/ العدد 966.
السيد صباح الصافي


تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا