دور الأب في التـربــيـــــة لاسيما البنت
2021-02-11 08:28:44
2908

أختي الفاضلة.. لطالما ارتبط مفهوم التربية مع وجود المرأة، فعندما نتحدث عن الطفل، نتحدث عن الأم مباشرة، دون أن نلقي الضوء على دور الأب في هذه التربية، وأهمية دوره في بناء شخصية الطفل، وبما أننا نعيش في مجتمع شرقي تكون فيه للرجل صلاحية تحديد مختلف أمور البيت، فقد يلقي على عاتق المرأة مسؤولية التربية كاملة، ليس فقط لأنه مشغول بتوفير لقمة العيش، بل قد يكون جهلاً منه بأهمية وجوده في مراحل تربية الطفل، وما يخصه في بناء شخصيته بشكل متوازن. فالأسرة المكونة من زوج وزوجة وأبناء، تحتاج إلى منهجية خاصة ودعائم قوية في علاقاتها في ما بينها، وفي معاملاتها مع أفرادها، حتى تستطيع تحقيق السعادة وتحصيل الغايات والأهداف المنشودة.فإن وجود الأب في حياة الأطفال، يعني الحماية يعني الرعاية، يعني القدوة والسلطة والتكامل الأسري؛ فالأطفال بحاجة إلى أن يشعروا بأن هناك حماية ورعاية وإرشاداً يختلف نوعاً ما عما يجدونه عند الأم، وبما أن الأب هو الراعي الأساسي للأسرة، وهو المسؤول عن رعيته، فوجود الأب كمعلم في حياة الطفل، يعتبر من العوامل الضرورية في تربيته وإعداده.

بالرغم من أن الأم هي الأساس في حياة الطفل منذ الولادة، إلا أن دور الأب يبقى أهميته من نوع آخر مختلف تماماً عن عن أهمية دور الأم، وذلك من خلال تقديم الحنان الأبوي، والسهر على حياة الطفل وحمايته من كل أذى، بالتواصل معه والتقرب منه، فينمو الطفل ويكبر على أسس تربوية سليمة، فالأدوار التي يقوم بها كل من الأب والأم مهمة جداً في الإنماء التربوي للطفل، رغم اختلافها.نعم مستمعتي الكريمة إن بعض الآباء يظنون أن دور الرجل يقتصر على تأمين السكن والملبس والمصاريف، ويعرفون مفهوم رب الأسرة بأنه ذلك الشخص المتسلط الحازم في كل شيء، لكن هذا خطأ فادح، فمشاركة الأب في تربية الأبناء شيء في غاية الأهمية، لما له من تأثير قوي في شخصية الأبناء، فالأب يستطيع تحقيق التوازن الأسري، من خلال اهتمامه بأبنائه ومصاحبتهم ومعرفة أفكارهم وميولهم وهواياتهم..ويحاول أن يساعد في حل مشاكلهم، ومعرفة أصدقائهم، ويكون لهم الصديق المخلص الموجود دائماً، حتى لو كان غائباً، تبقى مبادئه وأفكاره راسخة في أذهان الأطفال، كما أنه عليه إرشادهم وتقويمهم واستخدام الشدة والحزم، إلى جانب الرفق والتسامح؛ فإحساس الأبناء بوجود رادع لهم، يجعلهم على حذر من الوقوع في الخطأ، كما ينبغي على الأب الاقتراب أكثر من الأبناء، وتمضية الوقت الكافي معهم، وتعويدهم على أسلوب النقاش والحوار، ما يمنحهم الثقة بالنفس، وعليه أن يمنحهم الإحساس بوجود الصدر الحنون الذي يلجؤون إليه عندما يصعب عليهم حل مشاكلهم بأنفسهم..وبهذا يبعد عنهم مشكلة الضياع. لكن أكثر ما نشهده في مجتمعاتنا، أن الأب أصبح دوره مجرد بنك للتمويل، يكد ويشقى لتوفير لقمة العيش والرفاهية لأبنائه، ويغيب لساعات طويلة عن المنزل، وأصبح كالضيف الذي يحل على البيت ليأكل وينام فقط، لا يعلم بالقرارات التي يتخذها أبناؤه في غيبته، سواء في اختيار الملابس أو الأصدقاء، أو حتى في تحديد مصيرهم التعليمي، أو في ما يرتكبونه من أخطاء.

إذن هنا سؤال يطرح نفسه فمن المسؤول عن تهميش دور الأب؟ هل هي الأم أم الأبناء ؟ أم هو الأب نفسه الذي تنازل عن دوره الحقيقي هذا ما سنعرفه إن شاء الله؟نعم مستمعتي من المعروف أن مسؤولية تربية الأبناء تقع على الأب والأم على حد سواء، وفي حالة غياب الأب عن الصورة، فهذا يعني أن الأب هو المسؤول عن تهميش دوره في الأسرة، فهو الذي تنازل عن دوره لصالح الأم، وهي مسؤولية، لقوله صلى الله عليه وسلم «كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته »، ومهما تعددت مسؤوليات الأب خارج المنزل، فهذا لا يعفيه من مسؤوليته الأسرية، فدور الأب في تربية الأبناء، لا يقل أهمية عن دور الأم.فالأب، وكذلك الأم، ينبغي أن يكونا نموذجاً وقدوة لطفلهما، حتى يكون من السهل على الطفل أن يقلد السلوك الجيد في حياته، بدلاً من تنفيذ نصائح وأوامر لسلوكيات لا يراها، فالأب في نظر أبنائه هو ذلك البطل الذي يقلدونه في كل شيء، في حركاته وتصرفاته، في التواضع والأمانة وفي كل سلوكياته، لأن الطفل يميل إلى اعتبار أن كل تصرفات والده مثالية، من دون أن يشعر الأب بذلك.

لذلك، ينبغي على الآباء أن يبذلوا جهداً كبيراً في تربية أبنائهم، ويظهروا لهم حبهم وشعورهم بمكانتهم ودورهم الرئيس في حياتهم، وأن يدرك الآباء أن دورهم لا ينتهي عند مرحلة معينة، بل ينبغي أن يكونوا دائماً موجودين ومنخرطين في حياة أبنائهم.يتوهم بعض الآباء أن مسؤولية تربية الطفل تقع على الأم فقط، ولايطلب منه سـوى تأمين الحاجات المادية لأطفاله وزوجته، فنجده يقضي معظم وقته خارج المنزل في العمل، أو مع الأصدقاء، حتى إذا عاد إلى منزله جلس وحده في غرفتـه محذراً زوجتـه من أن تسمح للأطفال تعكير صفو تأملاته و أحلامه وهو نائم .وفي الواقع اختي الطيبة فإن للأب دوراً هاما في تربية الطفل.

فهذا مستمعتي الكريمة دور الأب بصورة عامة في التربية أما دور الأب في تربية الفتاة أو البنت أيضا له أهمية خاصة ومهمة للغاية فديننا الدين الإسلامي الحنيف ينظر إلى الأولاد على أنهم ودائع الخالق عز وجل بأيدي الآباء فهم أمانة عندهم، فينبغي على الجميع أن يقوموا بوظائفهم في متابعة شؤونهم والدفاع عنهم وإرشادهم.من هنا أكد الإسلام على الآباء ضرورة الإهتمام بالبنت والوقوف إلى جانبها. وقد جاء ذلك عن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم ) "خير أولادكم البنات "، "البنون نعم والبنات حسنات، وإن الإنسان محاسب على النعم ومثاب على الحسنات. فدائما تشعر البنت بحاجة ماسة إلى الأب، ولكن أي أب نعم تحتاج إلى أب عطوف يتسم بسلوك لائق، تثق به يكون سنداً لها لكي تستلهم منه وتفتخر به وتحبه، أب يحقق الإنضباط والأمن والعدالة، كما أنها تريد أباً يدرك روحها ويجعلها جريئة ومستقرة الحال، ولا يؤذيها أو يجرح عواطفها لآن البنت بطبعها حساسة، بل يهيئها لقبول مسؤولية الأمومة.

يستطيع الأب أن يزرع الثقة عندها من خلال تمجيده لسلوكها وأدبها وخلقها لتكون قادرة على مواصلة حياتها بشكل صحيح، فهي بنت في الحاضر ولكنها زوجة وأم في المستقبل.

فمن وظائف الأب إزاء بنته هدايتها وتربيتها تربية سليمة وفق تعاليم الإسلام، ويكون دليلاً لها في الفكر أيضاً، حيث يقوّم بناء أفكارها وعقائدها. على أن لا نغالي في إطرائها، لأن الفتاة قد تفشل في حياتها المستقبلية. كما على الأب توفير الأرضية لبناء الفتاة نفسياً وعقلياً لأن المجتمع كله واقف على عاتقها، فهي من ستبني الأجيال الصاعدة وهي الركن الاساس لبناء مجتمع مثالي متقدم، فهذا أمير المؤمنين الامام علي (عليه السلام) يؤكد على القول:"المرأة ريحانة وليست بكهرمانة "، من هنا نرى أهمية تربية الفتاة، والأب ينبغي  أن يكون ديمقراطياً وليس دكتاتورياً، ويكون حسناً وليس عدوانياً وقاسياً، ومن هنا أختي المؤمنة ينبغي أن تكون سياسة الأب حضارية مرفقة بالتعاليم الدينية التعاليم التي اوصى بها الشارع المقدس التعاليم التربوية التي ساروا عليها أهل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام).

 

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: برنامج حسنات- الحلقة السادسة-الدورة البرامجية61.

 

 

 

 

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا