المبادئ الاساسية لبرامج التربية الاخلاقية المقررة لطلاب المرحلة الابتدائية
2020-11-06 07:37:13
924

قال الرسول الاعظم "ص وآله": "انما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق" وهذا هو جوهر رسالة النبي محمد "ص وآله" وغايتها القصوى ،وفي الواقع فان اركان الدين الاسلامي تتجلى بجميع ابعادها الفردية والاجتماعية، الدنيوية والأخروية في مكارم الأخلاق وتتميم هذه المبادئ يعتبر بمثابة الدعامة الأساسية لهذه الرسالة السمحاء، فمن المناسب إذن أن نعد أن الهدف الأسمى للتربية هو تحكيم الفضائل الاخلاقية في الانسان وأن ننظر من هذا المنظار الى مهمة التربية والتعليم في مجتمعاتنا وذلك أن الهدف المتوخى للمساعي التربوية ليس سوى تجهيز وتسليح أبناء الجنس البشري بالفضائل الاخلاقية من الصدق والعفة والعزة ونصرة العدل والوفاء والميل الى النظم ومعرفة الانسان بحقوقه والاخلاص في العمل الى غيرها من المبادئ التي اكدت عليها التعاليم الاسلامية وصرحت بها جهاراً.

والمدرسة مكان ملائم لأن نركز اهتمامنا به كدائرة ثانية تأتي بعد الاسرة مباشرة في ترسيخ دعائم شخصية الطفل ونشأته الاخلاقية واذا عجزت التعليمات التي توفرها أساليبنا التعليمية وبرامجنا التدريسية في التأثير إيجابياً على الجانب السلوكي والأخلاقي في شخصية الطفل ستكون المساعي المبذولة في هذه الاطار عديمة الجدوى والفائدة وتفتقر الى الثمرة الاخلاقية المنشودة وعندها سيلجأ المربون الى أساليب شكلية وتوجيهات صارمة لتحقيق الغرض الامر الذي يؤدي الى ان تكتسب المواد العلمية والتربوية بعدا نظرياً جافاً، وبالتالي إضعاف البنية النفسية والسلوكية للتلميذ.

وهناك سؤال يطرح نفسه: "تعليم القيم الاخلاقية، هل هو أمر ممكن؟!

الجواب على هذا التساؤل يكون بالإيجاب اذا اخذنا بنظر الاعتبار حقيقة أن الادراك البشري والبنى الفكرية للإنسان وتوجهاته العاطفية والاخلاقية ترتبط بشكل وثيق باستعداداته الوراثية وقابليات البيئة ونوع الثقافة الاجتماعية التي ترعرع فيها، والسبب في ذلك يعود الى ان التأثير المتبادل بين القابليات الفطرية والثقافة البيئية اذا اخذ مجراه الطبيعي.

الآن وبعد أن بينا ما سبق يمكن العمل على تحديد الأطر التربوية والأخلاقية للأطفال والناشئين طبق فرضية المراحل.. فعلى سبيل المثال  تلاميذ المرحلة الابتدائية يطوون مرحلة الاعمال المنطقية الحسية على صعيد الادراك وبالنظر لهذه الخصوصيات يوصى بمراعاة الامور التالية كمبادئ أساسية لبرامج التربية الاخلاقية المقررة لطلاب هذه المرحلة:

-أن تلاحظ القابليات المعرفية لهؤلاء التلاميذ وكذلك مستوى مهارتهم في الاستدلال على القضية الاخلاقية.

- يمنح الاطفال فرصة كافية لمشاهدة السلوك الامثل والتمرن عليه بصورة تلقائية وبدافع ذاتي ولذلك لا يصح الاقتصار على القاء الدروس النظرية بل لابد من الحرص على عرض نماذج تطبيقية لمفهوم الاسوة في السلوك.

-يجب ان تستثمر الفرص الطبيعية والمناسبة لضخ المفاهيم الاخلاقية وبالاستعانة بأحداث ووقائع مألوفة لدى الطفل لكي لا يشعر انها غريبة عن بيئته وثقافته.


- أن يكون الاطفال على اطلاع وافٍ بمختلف إبعاد السلوك الاخلاقي الذي نطالبه به وهذه النقطة تكتسب أهميتها من منطق الحاجة الى أن يتوخى معلم الاخلاق الوقت والمكان المناسبين لمطالبة الطفل بتجسيد سلوك أخلاقي معين وذلك بعد الاستفسار منه حول مدى استعداده لتمثيل ذلك الدور والوثوق بقدرته على فهم واستيعاب الموقف الاخلاقي المطلوب.

-لابد للسلوك الاخلاقي المطالب به الطفل أن يكون منسجماً مع الاوضاع المحيطة به ومتوائماً معها.

- بالنظر الى خصوصية الاندفاع والحساسية عند الطفل لا ينبغي أن نتوقع منه الانسياق مع ما نريده منه في كل الاحوال والالحاح عليه في إبداء المواقف المطلوبة ازاء كل قضية أخلاقية لأن هذا النحو من التعاطي مع الطفل كثيراً ما ينتج مردودات عكسية وقد تصل الى حد تنفر الطفل من قيم ومواقف اخلاقية هي بالأساس مقبولة عنده.

- يجب أن يطابق سلوك المدربين والمعلمين سلوك الأسوة التي يقدمونها للطلاب كأنموذج يقتدى به والحقيقة أن الطفل يتأسى بالتطبيق العملي للأخلاق أكثر من تأسيه بالدروس النظرية.

- بالنظر الى أن الأطفال وفي مراحل النمو والتكامل الاولى لهم قدوة عالية على الاقتداء والتأسي فمن المناسب لغرض التدريب على المفاهيم والمبادئ الاخلاقية أن تتم الاستعانة بنماذج وقدوات أخلاقية تقتبس من الأساطير والقصص التاريخية والدينية وبالنحو الذي يثير الأطفال ويستأثر باهتمامهم.

- ومن المفيد أيضاً أن يستعان بسيرة الصالحين والانبياء والائمة الطاهرين (عليهم السلام) وسائر العظماء الذين دخلوا التاريخ من أوسع أبوابه واسهموا في تقدم البشرية شريطة أن يتم ذلك بأساليب مستساغة تتناسب مع فهم وادراك الاطفال.

-التدريب على المفاهيم الاخلاقية لا يتركز اطلاقا في بعد واحد بل المطلوب دائما أن تتظافر شتى الابعاد العقلية والعاطفية والاجتماعية والبدنية لتصب في قالب واحد.

-اتاحة الفرصة للأطفال لممارسة ألعاب متنوعة تصب بشكل غير مباشر في الهدف التربوي سيكون لها أكبر الاثر في تدعيم هذه القيم الاخلاقية وتجذيرها في نفوس الأطفال ويمكن هنا التركيز على مدى مراعاة العدالة اثناء اللعب ومستوى التكافل والتكافؤ في ساحة اللعب وكذلك المواساة والتعاطف كعناصر مؤثرة ومفيدة في الارتقاء بمستوى أخلاق الطفل.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: برنامج العماد الراسخ-الحلقة الأولى.

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا