اختيار الرفيق والجار
2024/04/27
281

قال الإمام علي (عليه السلام): «سَلْ عَنِ الرَّفِيقِ قَبْلَ الطَّرِيقِ، وَعَنِ الجَارِ قَبْلَ الدَّارِ» (تحف العقول: ص69).

السّفر والاستقرار كلاهما يحتاجان إلى تدبر وتأمل ودراسة قبل الإتيان بهما؛ فيلزم للمسافر من رفيق يتصف بالصّفات الطّيّبة؛ حتَّى يهنأ بالسّفر، ويحصل على مراده، وفي المثل: (الرفيق إمَّا رحيق أو حريق)؛ فإمَّا أن يغمرك بأخلاقه الطّيّبة، وإمَّا أن يحرقك بصفاته السّيئة؛ ولذلك نجد التأكيد في روايات المعصومين (عليهم السلام) على أهمية اختيار الرّفيق في السفر، وأن تتوفر فيه مجموعة من الصفات؛ وإلَّا كان ذلك السفر في بعض الأحيان لا خير فيه ولا قيمة له.

ويمكن أن يراد من هذه الكلمة معنى آخر إضافة إلى المعنى المتقدّم؛ وهو أن يكثر الإنسان السؤال عن أعماله التي سترافقه في طريقه إلى الآخرة، فيسأل عن عقائده وعن أحكامه التي يُبتلى بها وعن أخلاقه؛ حتَّى يأمن من عواقب ومحطّات ذلك السفر الطويل.

وأمَّا الأمر الثاني، والمهم في جانب الاستقرار اختيار الجار قبل الدّار، والواقع إنْ كان جار الإنسان سيئاً كان الذي يجاوره في عذاب دائم وضرر مستمر، خاصّة إذا كان الجار ضعيف الإيمان، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السلام) قَالَ: «جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ (صلى الله عليه وآله) فَشَكَا إِلَيْهِ أَذًى مِنْ جَارِهِ؛ فَقَالَ: لَهُ رَسُولُ الله (صلى الله عليه وآله) اصْبِرْ..
ثُمَّ أَتَاهُ ثَانِيَةً: فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ (صلى الله عليه وآله): اصْبِرْ ثُمَّ عَادَ إِلَيْهِ فَشَكَاهُ ثَالِثَةً؛ فَقَالَ النَّبِيُّ (صلى الله عليه وآله) لِلرَّجُلِ الَّذِي شَكَا: إِذَا كَانَ عِنْدَ رَوَاحِ النَّاسِ إِلَى الجُمُعَةِ فَأَخْرِجْ مَتَاعَكَ إِلَى الطَّرِيقِ حَتَّى يَرَاهُ مَنْ يَرُوحُ إِلَى الجُمُعَةِ فَإِذَا سَأَلُوكَ؛ فَأَخْبِرْهُمْ. قَالَ: فَفَعَلَ فَأَتَاهُ جَارُهُ المُؤْذِي لَهُ فَقَالَ لَهُ رُدَّ مَتَاعَكَ فَلَكَ الله عَلَيَّ أَنْ لا أَعُودَ» (الكافي: ج٢/ص٦٦٨).

وعَنْه (عليه السلام) قَالَ: «مِنَ القَوَاصِمِ الفَوَاقِرِ الَّتِي تَقْصِمُ الظَّهْرَ جَارُ السَّوْءِ إِنْ رَأَى حَسَنَةً أَخْفَاهَا وَإِنْ رَأَى سَيِّئَةً أَفْشَاهَا» (الكافي: ج٢/ص٦٦٨).

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نشرة الخميس/ نشرة أُسبوعيةٌ ثقافيةٌ (مجانية) تصدر عن العتبة العباسية المقدسة/ العدد 981.
السيد صباح الصافي


تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا