تحكمي في عواطفك..
2022/08/07
315

عزيزتي المربية الفاضلة كثيراً ما تتحكم عواطفنا في قراراتنا فيدخل الواحد منا بيته بعد يوم طويل شاق ويرى خطأ من أحد أبنائه فيصب عليه وابلاً من السباب والعقوبات هي في باطنها تنفيس عن المشاكل التي تعتمل في صدر الأب وربما يغضب أحدنا من محادثة هاتفية فيغلق الخط ويلتفت الى ولده الذي يصدر ضجيجاً فيصرخ فيه ويعاقبه.

ولذلك على المربي أن يجعل قراراته التربوية سواء المكافآت أو العقوبات بمنأى عن حالته النفسية وأن يضبط ردة فعله دائماً حتى لا يظلمه ولده
كما وينبغي أن نؤكد في كل الأحوال وفي كل الظروف على أهمية استيعاب الأبناء من قِبَل الوالدين وإن ذلك أحد الثوابت الأساسية في إطار العلاقة السليمة بين الأهل والأبناء، التي تقتضي أن يُعمِل الآباء جهودهم باستخدام الأساليب الإيجابية التي تحقق استيعاب الأبناء وجذبهم والتواصل معهم واحتضانهم وهذا ما تقتضيه الرحمة الوالدية، وقد تتجه العاطفة الوالدية نحو المكان الخطأ ولا تصيب الحقيقة، وإن كان باعثها الرحمة والشفقة، ومنطلقها الحرص والخوف على الأبناء، فقد يبرر بعض الآباء استخدامهم لأساليب خشنة وجافة مع أبنائهم على أن ذلك وسيلة لتربيتهم، في حين أن تعامل الآباء مع الأبناء بجفاء وخشونة تحت أي مبرر وذريعة خطأ جسيم.

وهناك بشكل دائم حاجة ملحة في أن يُرَشِّد الآباء عواطفهم، ويتحكموا بها في مواجهة المشكلات الأسرية، وأن يبتعدوا عن الإنفعال العاطفي عند مواجهة المواقف الخاطئة، وأن لا يبددوا عواطفهم بشكل سلبي لتأخذ مجرى خاطئاً.

إنّ الأبناء بحاجة إلى عواطف آبائهم الجياشة والسيالة، إنّهم ينتظرون منهم العطف والحنان ويتوقعون منهم مزيداً من الرحمة والرأفة، وكلما ارتكب الأبناء حماقات وابتعدوا عن الجادة كلما  كانت حاجتهم للرحمة أشد، إنّ الغضب والانفعال والتشنج لا يعيد الأمور إلى نصابها، ولا يعالج أي مشكلة بل علينا التحلي بمزيد من الحكمة عند التعامل مع مشكلات الأبناء كي نستوعبهم ونسترجعهم ونبعدهم عن المؤثرات السلبية، ولقد ثبت تربوياً إن استخدام بدائل الغضب والانفعال أجدى نفعاً في استيعاب الأبناء بشكل دائم يدفع الأبناء إلى تحدي قرار الآباء والتمرد على الأسرة والانفصال عنها، وقضاء أوقات خارج محيطها، وهو مؤشر على إضطراب العلاقات الأسرية، ومن هنا قد يجد الأبناء مبررات كافية للإصرار على التحدي، والتواصل مع المحيط الخارجي بعيداً عن التوجيه الأسري الرشيد.

إنّ التواصل الدائم مع الأبناء ومحاورتهم واحترامهم وتشجيعهم سيجد بالتأكيد صدى إيجابياً في نفوسهم، ويصلح ما فسد، ويعيد الأمور إلى نصابها، وعلينا أن نتحلى بعاطفة عاقلة بعيداً عن الانفعال والتشنج لإدارة حياتنا الأسرية بشكل فعال حتى لا تتحول عواطفنا إلى عواصف هوجاء مدمرة تتحرك بشكل انفعالي وعشوائي فتفسد ولا تصلح، وحتى نستطيع عقلنة عواطفنا علينا أن ندرك حجم الكوارث والمشكلات التي تخلفها الكوارث المنفعلة وغير المنضبطة على نفوس الأبناء في اللحظة الأولى لمواجهة الأزمة.  

وفق المبدأ المتقدّم يكون لزاماً علينا أن نعمل على تأمين الظروف الملائمة والوسائل المناسبة لإشباع الطفل عاطفياً، كما نهتم به صحيّاً ونوفّر الظروف الملائمة لنموّه الجسدي، وإنّ حاجة الطفل إلى الغذاء الروحي والإشباع العاطفي لا تقلّ عن حاجته للغذاء المادي، بل إنّ حاجته لذلك أشدّ من حاجة البالغ أيضاً، ولا شكّ أنّ لهذا الأمر تأثيرًا مباشرًا على مستقبل الطفل واستقراره النفسي والاجتماعي، والأكيد أيضاً أنّ الأطفال الذين يُحرَمون من الشحنات العاطفية اللازمة سيعانون عاجلاً أم آجلاً من الأمراض النفسية والاجتماعية، بما يُعقِّد حياتهم ويصيبهم بالجفاف الروحي وينعكس على سلوكهم في ممارسات عنيفة وخاطئة، من هنا لم يكن مستغرباً أن تعتبر بعض الروايات حبّ الأطفال من أفضل الأعمال العبادية، لما للحبّ من تأثير تربوي في رعاية الطفل وحمايته فضلاً عن كونه ــ أعني الحبّ ــ تعبيراً صادقاً عن إنسانية الإنسان.

سأربي طفلي على تحدي المخاوف وسأكون أنا أولا مثالا للهدوء والاستقرار في تصرفاتي أمام طفلي الخائف، بحيث يكون الجو الأسري المحيط باعثاً على الطمأنينة والأمان، سأكسبه الثقة في نفسه، عن طريق (الدعاء)، مثل عبارات: "الله معي - أستطيع أن أواجه ذلك- إنني أصبح أكثر شجاعة- أزمة وستمر، سأعلمه ان يقرأ آيات قرآنية مثل الفاتحة والمعوذتين لكي يتخلص من خوفه، لكي يشعر بالأمان وبأن الله معه، سأتحدث مع طفلي وأفهمه بأن الخوف طبيعي ولكن ينبغي أن لا يسيطر على الفرد فيجعله يلغي عقله.

سأربي طفلي على الشجاعة ولن أخجل من مخاوف طفلي وسأعلمه عن طريق الكلام والأفعال، أن القلق والخوف مشاعر طبيعية، وسأحفزه واشجعه على مواجهة مخاوفه..

 وانتِ عزيزتي الأم على ماذا ستربين طفلك؟ 

إشارة خضراء: حافظي على طهارة لسانك ونظافته باستخدام الكلمات اللطيفة والجميلة والناعمة
إشارة حمراء: تجنبي الكلمات القاسية والجارحة والبذيئة والمؤذية.

 

 

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصدر: برنامج قبل أن تربي-الحلقة الثانية- الدورة البرامجية 69.

 

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا