الأب والعنف تجاه الأبناء
2022/06/14
1949

تلعب شخصية الأب دوراً مهما في تشكيل وجدان الأبناء منذ ولادتهم بدءً من اختيار أسمائهم مروراً بسلوكياتهم وأساليب التعامل مع أقرانهم حتى يصبحوا آباء وأمهات في المستقبل.. وإن للأب دور عظيم في تربية الأبناء فلا يمكن الاستهانة بما يقوم به لتنشئة الطفل وينبغي ألا يترك مسألة تنشئة الطفل للأم فقط ليكبر الأبناء بشكل سوي وعليه أن يتبع أسلوب الموازنة بين الثواب والعقاب والحرص على توجيه الأبناء بشكل سليم بما يتماشى مع قيم المجتمع.

العنف هو ظاهرة وجدت اليوم في مجتمعاتنا وتعني سلوكا عمديا موجها نحو الأبناء سواء كان لفظياً أو غير لفظي ويعد العنف ضد الأطفال بالتحديد أحد أبرز مظاهر العنف يبدأ من أهمال الأطفال من قبل الوالدين فضلا عن  معتقدات خاطئة في المجتمع في التعامل مع الأطفال  وسلوكيات قد تصل أحيانا الى انتهاك خصوصية طفولته فمن المعروف إن عالم الطفل عالم خاص ورقيق لا يحتمل العنف أو الخدش في المشاعر أو السلوكيات التي قد لا يلاحظها الأبوين ولا يعيرون اهتماما لها وهي لدى الطفل تشكل مشاعرا وأحاسيساً مؤثرة.

تتجسد مسالة العنف بالدليل القرآني فلو تتبعنا القرآن الكريم وسيرة النبي محمد (ص) لوجدنا أنهم يؤكدون على وضع أسس صحيحة وسليمة في التعامل مع الأطفال فلو حدث نوع من العنف داخل اللبنة الاولى للمجتمع وهي الأسرة بأركانها الأهم الأب والأم يعود هذا العنف بشكل سلبي على الأسرة والمجتمع فالمجتمع ينتظر من الأسر أن يشارك أبناؤها وبناتها في بناء المجتمع نفسه بشكل جديد وقويم وسليم لكن إن بدأت حياتهم بالعنف لن يؤدوا الدور الصحيح والمنشود لهم والمتوقع منهم.

قد تكون بعض أسباب عنف الأب على أبناءه ذاتية في نفس الأب أي تعرض الأب أو الأم الى عنف في صغرهم مما ينعكس سلباً على تربية الأبناء وسلوكياتهم خاصة أذا كانت ردود الفعل مكثفة وعنيفة  تدفع الأبوين الى ممارسة العنف، كما أن ضغط المجتمع على الأب لتربية أبنائه بصورة معينة يجعله يضغط عليهم وكذلك مسألة نقل الأب لمشاكل عمله خارج المنزل الى داخله يجعل أبناءه معنفين من قبله فيصبحون محطة تفريغ طاقات الأب السلبية ومشاكله.
يرى البعض أن تعنيف الأب لأبنائه هو أمر  طبيعي من أجل تربيتهم لكن مما لا يخفى أن هذا العنف يأخذ مناحيَّ أخرى فيتعرض المعنف الى عاهات بدنية أو إصابات بليغة حتى بعض الأحيان يتم نقلهم الى المستشفى وليس بالضرورة يكون الأبناء هم المعنفين فقط بل يشمل جميع أفراد الأسرة والأسباب النفسية المترتبة حيال ذلك وهذه اعتقادات خاطئة وسلوكيات متوارثة بجهل من المجتمع.

إن عالم الطفولة لا يتكرر أبدا لذا إن لم يحصل الطفل على اللطف الحقيقي والعاطفة والعناية الكاملة لا يمكن أن ينظر الى الحياة بصورة مشرقة حتى أن العنف على الأم يؤثر على شخصية الطفل وسلوكه.

إن الآثار الجسدية يمكنها أن تزول ويزول معها ألمها ولكن ماذا عن التشوهات والآثار النفسية التي لا يمكن إن تزال بسهولة فيكبر الإنسان وهو لا يزال يحمل صور قساوة هذه المرحلة من حياته مؤثرة على بناء الشخصية المعنوية له فيشعر بالتهميش وعدم الأمان ووجود صعوبة في التعلم وتكوين مختلف العلاقات.
إن الحياة لكل ناضج صعبة بما فيه الكفاية وتحتاج الى الكثير من المشاعر الإيجابية لنتخطاها بسلام ونحظى بنفع لأنفسنا والمجتمع فكيف إذا تعرض الإنسان لهذا الأذى منذ بداية عمره ومن أقرب الناس إليه؟ كيف سيتخطاه؟ حيث هذا الطفل سيكبر وينضج ويتعرض للكثير من الصعاب أليس هذا كافيا؟ هذا ما يجب على الآباء التفكير به قبل الإقبال على تعنيف أبنائهم نفسيا أو لفظيا أو جسديا لا سامح الله.

 

 

 

 

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: برنامج الظهر الحاني- الحلقة الثالثة- الدورة البرامجية 64


 

 

 

 



تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا