أهمية الأهل والعشيرة
2021/03/08
505

قال أمير المؤمنين(عليه السلام): " أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ لَا يَسْتَغْنِي الرَّجُلُ وَ إِنْ كَانَ ذَا مَالٍ عَنْ عَشِيْرَتِهِ وَدِفَاعِهِمْ عَنْهُ بِأَيْدِيهِمْ وَ أَلْسِنَتِهِمْ وَ هُمْ أَعْظَمُ النَّاسِ حَيْطَةً مِنْ وَرَائِهِ وَ أَلَمُّهُمْ لِشَعَثِهِ وَأَعْطَفُهُمْ عَلَيْهِ عِنْدَ نَازِلَةٍ إِذَا نَزَلَتْ ..".

إنّ من يراجع مصادر الإسلام ، من خلال القرآن الحكيم والأحاديث الشريفة ، يرَ بكلّ‏ِ وضوح وجلاء ، حقيقة وهي : أنّ كثيراً من وصايا الإسلام وواجباته وأحكامه تدعو إلى إزالة الحجب والحواجز القائمة بين الناس جماعات وأفراداً. يقول تعالى : ﴿وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾ .
فالقاعدة الأولية في الإسلام هي التعارف والتعاون وتبادل الخبرات بين الأمم فلا ينبغي للمسلمين التقاطع والتحارب مع الشعوب الأخرى، بل السلام والوئام هما الحاكمان على علاقات المسلمين مع غيرهم.

 وكما دعا الإسلام إلى الوئام مع غير المسلمين فبالضرورة دعا إلى ذلك بين المسلمين أنفسهم. قال تعالى: ﴿وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ﴾ وعن رسول الله ص " مثل المؤمنين في توادّهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إن اشتكى منه عضو تداعت سائر الأعضاء بالسهر والحمّى"
فإذا ما تكاتف المجتمع داخلياً، وأمِن من داخله، فحينئذ من السهولة أن ينتصر على أعدائه، أمّا إذا كان المجتمع مقاطعاً بعضه بعضاً، فحينئذ على هذا المجتمع السلام، ولن يستطيع أن ينتصر على أعدائه. 

 مستمعتي ان التاريخ الإسلاميّ يؤكِّد لنا هذه الحقيقة، وهي أنّ المسلمين تراجعوا حينما تقاطعوا، وإذا أرادوا الرجوع إلى ميدان قيادة الأمم فما عليهم إلّا أن يتواصلوا ويتكاتفوا. 

وهذا التواصل ينبغي أن يبدأ في العشيرة والأسرة والعائلة، أي بين الأرحام، ليكون البيت الداخلي آمناً، ومن ثمَّ ينجرّ الكلام إلى الوحدة والتواصل الاجتماعيّ الإسلاميّ بشكل عام والإنسانيّ بشكل أعمّ، وهذا الجانب من العلاقة الحسنة مع العشيرة هو ما يدعو إليه أمير المؤمنين(ع).

 بين العصبية وصلة الرحم
رغم أنّ الإسلام دعا إلى التواصل والمرحمة، لكنّه في الوقت نفسه نهى عن التعصُّب الأعمى للعائلة والأرحام، 
والمرء إذا تعصّب لأقربائه أو أحبّته ودافع عنهم، فما كان بقصد إظهار الحقّ ودحض الباطل، فهو تعصّب محمود ودفاع عن الحقّ والحقيقة.

أما إذا تحرّك بدافع قوميته وعصبيته بحيث أخذ بالدفاع عن قومه وأحبّته في باطلهم وسايرهم فيه ودافع عنهم، فهذا شخص تجلّت فيه السجيّة الخبيثة، سجيّة العصبية الجاهلية، وأصبح عضواً فاسداً في المجتمع، وصار في زمرة أعراب الجاهلية.

  كما ورد عن أبي عبد الله الصادق (ع) قال: "من تعصَّب أو تعصِّب له فقد خُلِع رِبقُ الإيمان من عنقه " وعنه ع قال : "من تعصّب عصّبه الله بعصابة من النار.."       

إذن فصلة الرحم والأقرباء والتعاون معهم والتكافل مطلوبة إسلامياً، ولكن إذا كان التعاون معهم على الباطل والظلم فهذا غير مطلوب، يقول تعالى: ﴿ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ وقد أمرنا الله تعالى، أن لا نكون متعصِّبين لمن يمتُّ إلينا بصلة القربى، وأن يكون رائدنا هو الحقّ‏ُ والعدل، وأن نقول الحقّ ولو على أرحامنا، قال تعالى: ﴿وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى﴾.

تبيّن  أنّه لا العصبية الجاهلية مقبولة ولا القطيعة للرحم مقبولة أيضاً، وإنّما المطلوب من الإنسان المؤمن أن يتقرّب من عشيرته وأهله وأقاربه وأرحامه، بشتّى أنواع التقرّب الذي يرضي به الله سبحانه وتعالى، لأنّه إن انقطع عنهم فقد خسروا هم رجلاً واحداً بينما هو قد خسر العشيرة كلّها، وأمّا إذا تواصل وتقرّب منهم بالحقّ فقد كسب رضا الله في الآخرة وعشيرته وأقاربه وأهله في الدنيا، حيث يجد عونهم ومؤازرتهم له في الشدائد والنوائب.

 

 

 

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصدر: برنامج ودق المعرفة-الحلقة الخامسة-الدورة البرامجية61.

 

 

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا