الأسرة وبناء الحكمة لدى الأبناء
2020/07/09
506

ما أروع الحكمة.. إنها من أعظم الفضائل. بل هي أهم مفتاح للفضائل كلها، يحتاج إليها البشر جميعا وبخاصة القادة وكل من هو منصب بل تحتاج إليها الدول إنها باب التوفيق والنجاح والتفوق. وما أجمل قول سليمان الحكيم: "الحكيم عيناه في رأسه، أما الجاهل فيسلك في الظلام"؛ لذلك فهي نور داخلي ينير العقل والقلب كما أنها نور خارجي ينير للآخرين طريقهم.

أختي الكريمة تساهم الأسرة بشكل مباشر في بناء الاطار السلوكي لأبنائها، فمنذ اليوم الأول لولادة الطفل تبدأ الأسرة في تحديد سلوك هذا الفرد، ومنذ ذلك اليوم تبدأ الشخصية في البناء، فالطفل الذي تعود ان اراد شيئا كان عليه بالصراخ والبكاء، لا شك انها حددت احدى سمات الشخصية وهي الاتكالية واستخدام السلوك الانفعالي في الوصول الى الرغبة والهدف المطلوب وهكذا يتعلم الفرد اذا سلك سلوكاً منافياً للأعراف التي حددتها له الأسرة كان العقاب أو الزجر، في حين الحصول على الراحة والموافقة من قبل الأسرة حين السلوك باتجاه امر مستحسن لدى الأسرة، كان لقمان الحكيم يوصي ابنه على تعلم الحكمة: " يابني تعلم الحكمة فان الحكمة تدل على الدين وتشرف العبد وتقدم الصغير على الكبير" وكيف يظن ابن آدم إن يتهيأ له أمر دينه ومعيشته بغير حكمة  ولا عجب أن يتخرج الحكماء من بيوت العلم والحكمة لأنهم تربوا على الحكمة وعلى السلوك العلمي.

ومما يذكر مربيتي الكريمة أنه كان ابن أحد الحكماء يذهب الى الغابة متمشياً على أطرافها وينشد النشيد تلو الآخر، وتحت قانون الصدى كان الصوت يرجع مرة اخرى ليسمع الطفل ما أنشده، وبحكم سنه كان يعتقد ان هناك طفلاً آخر قد سرق نشيده واخذ ينشده، فقام بشتم ذلك الطفل الموهوم ليسمع الشتيمة ترتد اليه، فقال له انك طفل بذيء وسمع الرد ايضا انك طفل بذيء، ولما عاد للمنزل سرد على والده ما حدث، وأن هناك طفلاً سرق نشيده، وشتمه، وقال له: انك طفل بذيء فماذا قال الأب لابنه؟ تمعنوا في إجابة الأب؛ لأنها تسطر لنا نهجاً في تربية الأبناء وصقل الحكمة في حياتهم قال له الأب : يابني قل خيراً تسمع خيراً وعاد الطفل للغابة، وأخذ يردد المديح لذلك الطفل الموهوم قائلاً : إنك طفل جميل، فسمع الرد: إنك طفل جميل وهكذا انغرست هذه الحكمة في قلب ذلك الطفل ليتعلم أن معاملة الآخرين له مرتبطة بمعاملته لهم. 

هكذا يكون دور الأسرة في بناء الحكمة في الفرد، فانها تزوده بالحكمة وتعمل على سلامة أجهزة الحكمة فتقوم بتنمية عقله، وتوسيع آفاقه، وتعمل على تطهير قلبه، فلا تزرع العداوة والحق على الآخرين فتدنس قلب الفرد وتصون لسانه فتجعله ملتزماً بآداب الحديث وتردعه عن الألفاظ البذية ولأن معظم الأسر لا يسمع أفرادها سوى السباب، وزرع لبذور الأنانية والحقد على الآخرين، فلا عجب أن يحجز الفرد على بناء الشخصية الحكيمة.

 

 

 

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: برنامج أسرتنا إلى أين؟- الحلقة الثانية- الدورة البرامجية56.

 

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا