كيف تتجنب سوء الظن؟
2020/05/18
3454

سيدتي إن سوء الظن من الآفات الاجتماعية المنتشرة بين الناس، وهو تخيّل وتوقع أقوال وأفعال قد تصدر من الآخرين دون التأكّد منها، ويترتب على هذا التفكير مجموعة من الآثار السلبية التي تعود على الشخص ومن حوله ومن سلبياته:

 أنه يدمر علاقاتك بالناس؛ فسوء الظن كالقنبلة التي تنفجر فتدمر كل جميلٍ في الوجود؛ لا تعترف بزرعٍ أو زهرٍ أو بستان وسوء الظن كاللغم إذا انفجر؛ يخدعك باختفائه، وتُصدم بإهلاكه، حين لا يكون اعتبار لصغير أو كبير، لامرأة أو رجل، لشيخ أو شاب.

وهو القنبلة أو اللغم الذي يدمر العلاقات بين الأفراد، ويُفجِّر الصلات بين المجتمع، ويفكك الروابط بين العائلات، ويجفف العواطف بين الناس.
ومن سلبياته أيضاً يدمر علاقاتك بأسرتك، فالحنان والدفء الأسري جوٌّ من أجمل أجواء الوجود؛ فالحب الأسري يرفرف في جنبات البيوت، لا تسمع إلا الكلمة الطيبة المشجعة الدافعة، ولا ترى إلا البسمة الحانية الدافئة، ولا تشعر إلا بالبهجة المنشطة الباعثة للحياة، ولا تحس إلا باللمسة العاطفة الرائقة، التي تهز الوجدان والكيان، ولا تبصر إلا بقلب يخفق من أخلاق عالية كريمة.

كل هذه الأجواء سرعان ما يسري السمّ القاتل في جنباتها حينما يُسيطر سوء الظن على النفوس، وتمتلئ به الصدور، وتفسد به القلوب.
ومن سلبياته أيضاً يدمر علاقاتك بالمجتمع وهذه دائرة أوسع ولكنها ترجمة لحياتك اليومية؛ فأصدقاؤك هم حياتك، فلماذا تقتل هذه الحياة بسوء الظن بهم؟! وزملاؤك في العمل هم جزء من حياتك اليومية، فلماذا تصيبها بالشلل حينما يكون التعامل معهم بسوء الظن؟! وجيرانك هم سرٌّ من أسرار حياتك، فلماذا تخنقها بيدك حين تتعايش معهم بسوء الظن؟ 

للتخلص من هذه الآفة يجب القيام بالعديد من الخطوات وهي:

- اللجوء إلى الله سبحانه وتعالى، والدعاء والتضرع له ليساعده على التخلص من هذه العادة السيّئة والخطيرة، ولزوم الذكر والاستغفار، لأنه يساعد على استشعار الإنسان بمراقبة الله تعالى له، فيكف عن أذى الآخرين. أن يحب للآخرين ما يحب لنفسه، وأن يكره له ما يكرهه لنفسه، لأن ذلك يكون رادعاً ومانعاً من الظن السيء بالآخرين، فقبل أن يسيء الظن بغيره، يجب أن يضع نفسه مكانهم، ويختبر مشاعره عندما يظنون به سوءاً. 

- عدم الحكم على الآخرين إلا بعد التحقق والحصول على الأدلة الكافية التي تدين هذا الشخص، وتجنّب الاكتفاء بالسمع فقط. معرفة وإدراك المخاطر التي تسببها هذه العادة السيئة، وما يترتب عليها من أضرار تعود على الشخص والمجتمع الذي يعيش فيه، والعقاب الذي سوف يناله من الله تعالى، لأن سوء الظن من الصفات التي نهى عنها الإسلام وحذر من مخاطرها. 

- تهذيب النفس بقراءة القران الكريم، وتعبئة وقت الفراغ بالقيام بالأعمال التي تعود على الفرد والمجتمع بالمنفعة والفائدة.

- الابتعاد عن المجالس والأحاديث التي يكون فيها غيبة ونميمة وسوء ظن بالآخرين، فهذه المجالس تكسب الآثام وتحل غضب الله عليهم. تجنّب مجاراة الأشخاص الذين يسيؤون الظن بالآخرين، وكفهم عن هذه الخصلة السيئة والبذيئة، أن يصلح الإنسان نفسه، لأن سوء الظن ينبع من مشاكل وعقد داخل هذا الشخص، وهؤلاء الأشخاص يحملون صفات وطبيعة سيئة ومؤذية، فيعملون على بث الفتن والعداوة بين الناس، فضعفاء النفس والذين لا يمتلكون الثقة بنفسهم، هم أكثر الأشخاص الحاملين لهذه الصفة.

- عدم الاستسلام لهذه الصفة السيئة، والعمل على التخلص منها بجميع الطرق والوسائل، لتهذيب النفس وتنظيفها من أي شوائب عالقة بها، وليكون إنسان صالح وثمرة منتجة في المجتمع الذي يعيش فيه.

 عند القيام بهذه الخطوات يستطيع الإنسان التخلص من عادة سوء الظن، والتحلي بحسن الظن في الآخرين والتي دعا إليها الدين الإسلامي، لما لها من أهمية في بناء العلاقات الاجتماعية التي تقوم على أساس من المحبة والتفاهم بين الآخرين، وكسب مودة وثقة الآخرين بهذا الشخص، والابتعاد عن البغضاء والعداوة والكره للآخرين.

ولا ننسى قول الله تعالى حينما يقول بمحكم كتابه المجيد: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنْ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ﴾.
وهنا نتساءل: لماذا يأمرنا الله تعالى باجتناب الكثير من الظن؟ حتى نمنع القليل، فهل أدركنا هذا المعنى؟ وهل تأملنا النتيجة حينما نجتنب الكثير فنمنع القليل من أجل أن يختفيَ سوء الظن بيننا وحتى ندرك أن الله يعالجنا وهو أعلم بنا؟﴿أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾ .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصدر: برنامج كيف نخطو- الحلقة التاسعة-الدورة البرامجية54.

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا