المرأة المسلمة بين التغيير الاجتماعي وحماية الأسرة
2020/01/25
408

تعد الأسرة أهم بيئة في تشكيل شخصية الإنسان وتكوينه النفسي والسلوكي الذي سيترك آثاره في مجتمعه الذي يعيش فيه، وقد أجمع علماء الاجتماع على تباين مذاهبهم على أنَّ الأسرة عماد المجتمع، وأنَّها إذا قامت على أسس سليمة استقرت أحوال المجتمع وتوطدت أركانه، وإذا وهنت قواعد الأسرة ولم يتحقق لها أسباب القوة على إختلافها اضطربت حياة المجتمع واختلَّ توازنه.

وإنَّ الأسرة هي الخلية الأولى التي يتألف منها جسم المجتمع وبصلاحها يصلح هذا المجتمع وبفسادها يدب إليه السقم والانحلال.

أهمية المرأة في الأسرة

للمرأة دور مهم في بناء المجتمع من خلال دورها التربوي في داخل الأسرة؛ فهي العنصر المؤثر داخل الأسرة كما يرى بعضهم، بينما يرى آخرون أنَّ الأب هو العنصر المؤثر في داخل البيت، ويتصور غيرهما أنَّ البيت هو عنصر التربية الأوحد بكل تفاعلاته، ولكن مع ذلك فإنَّ هناك عوامل أخرى مؤثرة في التربية خارج إطار البيت، فالمجتمع والمدرسة والإعلام، كل ذلك له دور مهم في التربية، إلا أنَّ العلماء المختصين في مجال التربية أكدوا على أنَّ البيت هو المؤثر الأول وهو الأقوى في التأثير على الطفل بحكم التصاق الطفل به، وقضائه أطول مدة من طفولته في داخله، وبحكم أنَّه أول من يتسلَّم خامة الطفل ويؤثر في تشكيلها، وعندما تقوم الأسرة فإنَّ الزوجة والأم هي العضو الأساس فيها، إنَّ للمرأة في هذه المجموعة مكاناً أساسياً وسامياً، لذلك عندما يتزلزل أصل الأسرة «المرأة» فلن يبقى أي شيء في مكانه فيها.

إنَّ الموازنة المطلوبة من المرأة المسلمة موازنة بين طرفين متقابلين ومتباعدين، ولكن حقيقة الحال على خلاف هذا التصور، فمسؤولية المرأة تجاه مجتمعها ومسؤوليتها تجاه أسرتها مسؤولية واحدة بطبيعتها، وإن اختلفت في قسمها الأول بسعة محيط المسؤولية عن الثاني الذي يتميز بمحدودية المحيط وضيقه، فكما هي مسؤولة عن حماية مجتمعها هي أيضاً مسؤولة عن حماية أسرتها، إذن القضية في تحديد الأولويات لمسؤوليات متعددة مطلوب من المرأة المسلمة أن تؤديها قربة إلى الله تعالى في مقابل وقت محدود قد يصعب تقسيمه بين هذه المسؤوليات الكثيرة بشكل سليم ومستوعب، بحيث تعطي لكل ذي حقٍّ حقه.
ولكن هل هناك مسطرة قياس بوحدات محددة متجانسة المواقف والخطوات، بحيث تستطيع كل امرأة مسلمة أن تستعملها في التنسيق بين مسؤولياتها وتنظيم جهدها؟ طبعاً لا، فالظروف الاجتماعية للنساء مختلفة وكذلك مواهبهن الذاتية والكامنة وقابلياتهن متباينة، فما هو المطلوب؟

المتعين على المرأة المسلمة هو ما يحدد بعنوان تحقيق الرشد الاجتماعي في إدارة مسؤولياتها المتزاحمة، بحيث تنجزها جميعاً بوجه الإتقان والإتمام، وعلى المرأة المسلمة أن تتعلم كيف تكون راشدة في النهوض بمسؤولياتها الاجتماعية والفكرية والتربوية داخل أسرتها الصغيرة وخارجها في الأسرة الكبيرة أي في مجتمعها الإسلامي الكبير، وهي لذلك تحتاج العناصر الآتية:- 

1- عليها أن تعرف إمكاناتها الذاتية ومواهبها الكامنة والتي هي بصدد المحافظة عليها واستثمارها في وظيفتها الأسرية الإسلامية الكبيرة.

2- عليها أن تحدد الأمكانات المتاحة لها من حيث الظروف المحيطة بها، فالمرأة المسلمة مثلاً غير المتزوجة، الإمكانية المتاحة لها للتحرك في محيط المجتمع أوسع من المتزوجة، كذلك إمكانات التي لم ترزق بأطفال للتحرك الاجتماعي أوسع من ذات الأطفال وهكذا، وأيضاً حصر المسؤوليات المتعينة عليها، كمسؤولية إدارة الأعمال المنزلية، والمسؤولية الزوجية، ومسؤوليات الأمومة التربوية، والمسؤوليات الاجتماعية، وكذلك مسؤوليات الدعوة إلى الله والتغيير الاجتماعي وغيرها.

3- وعلى المرأة المسلمة المتصدية للتغيير داخل بيتها وخارجه أن تعلم أنَّ بلوغ النتائج ليس بكثرة ما ينجز، بل بخلق الكفاءة والقدرة لديها، والاستفادة بأقل قدر من الوقت المتاح في أهم الأعمال المتناسبة مع ظروفها وإمكاناتها المتاحة، والصورة العملية لذلك تختلف من امرأة إلى أخرى بحسب اختلاف الظروف والإمكانات.

إنَّ تمام الرشد في العمل الاجتماعي أن تكون المرأة الداعية جزءاً من مجموعة متكاملة في إنتاج مسؤولية اجتماعية كاملة بحيث تصب جهودها الجزئية ضمن عمل جماعي وفي موضعه الصحيح المثمر، وإن قلَّ فالعبرة بالكيف لا بالكمِّ وبنظم الأمور لا بتبعثرها.











ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: برنامج المدرسة الأولى- الحلقة السادسة- الدورة 27.

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا