خفّة الدم في عالَم تسودُه المظاهر والأفكار
المادية، يصبح البحث عن البهجة الحقيقية والتأثير الإيجابي في حياة
الآخرين أمراً يُغفل عنه كثيراً. لطالما كانت الماديات والمظاهر
الخارجية تحظى بتقدير كبير، لكن الوقائع يتحدث عن شيء آخر، عن سرٍّ
جوهري يكمن في "خفّة الدم" وأثر الأُسلوب في التعاشر
الإنساني.
لنأخذ لحظة ونتساءل، ما الذي يجعل بعض
الناس محبوبين ومرحَّباً بهم في أيِّ مكان يذهبون إليه؟
هو ليس جمالهم الخارجي ولا ذكاءهم
اللّامع وحده، ولا حتى ثقافتهم الواسعة أو علمهم المُطبق، إنّه
أسلوبهم في الحياة، طريقتهم في التعامل مع الآخرين، براعتهم في خلق
جوٍ من الألفة والمودة.
إن الشخص الذي يتمتع "بخفة الدم"
يستطيع أن يضيء الغرفة بابتسامته، وينيرَ الأجواء بدعابته، ليس ثقيلاً
في تعاملاته، بل هو كالنسمة التي يحب الجميع الإحاطة بها، ذاك الشخص
لا يغزو القلوب بالبساطة فحسب، وإنّما بطريقة عفوية في الكلام وسلاسة
تجعل الجميع يشعرون بالراحة.
في الجهة الأخرى، نجد هناك الذين
يمتلكون كلّ شيء يمكن أن يتمناه الإنسان من مظهر وموهبة وعلم، لكنّهم
يفتقدون إلى القدرة على التواصل بسلاسة، وقد يعدُّهم الناس ثقيلي
الظل؛ فالتواصل معهم يشبه رحلة شاقّة لا يودُّ أحد القيام
بها.
في المقابل، قد نلتقي بأشخاص لا
يملكون الكثير من النواحي المادية، لكنهم كزرع جذوره عميقة في الأرض،
ينالون محبة مَن حولهم بشكل طبيعي وبسيط، فمجرد وجودهم بين الناس يخلق
شعوراً بالراحة والسكينة، وهم يسلبون الألباب ليس بما يملكون بل بما
يغرسونه من إحساس بالمودة والقبول.
إن هذا النوع من التأثير لا يأتي من
فراغٍ، بل هو نتاج تبنِّي أسلوب حياة يعتمد على الأصالة والإيجابية
واحترام الذات والآخرين، إنّها لمسة الدفء التي لا تكمن في الماديات،
وإنّما في الروح الإنسانية التي تحملها. ولا يسعنا إلّا أن نؤكد بأنّ "خفّة
الدم" والأسلوب الحسن لا تقدر بثمن؛ لأنّها تعني ببساطة أن تكون غنياً
بالقيم التي تجعل الحياة أروع لك ولمن حولك.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ نشرة الخميس/ نشرة أُسبوعيةٌ ثقافيةٌ
(مجانية) تصدر عن العتبة العباسية المقدسة/ العدد1006.
✍️ الشيخ حسين التميمي
تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري
تحدث معنا