ميزان الصلة بالآخرين
2024/06/20
251

رُوي عن الإمام علي (عليه السلام) قوله: «وَلاَ تَرْغَبَنَّ فِيمَنْ زَهِدَ فِيكَ، وَلاَ يَكُونَنَّ أَخُوكَ أَقْوَى عَلَى قَطِيعَتِكَ مِنْكَ عَلَى صِلَتِهِ، وَلاَ تكُونَنَّ عَلَى الإِسَاءَةِ أَقْوَى مِنْكَ عَلَى الإِحْسَانِ» (نهج البلاغة: الرسالة 31).

قمّة الذل أن ترغب فيمَن زهد فيك ورغب عنّك، حتّى لو كان يملك ما يملك من الدنيا، ومن المجربات أنَّ الرّغبة في هذا الصنف لا ينتج منه إلَّا الإنكار والاستحقار والتَّوهين والإذلال.

إنَّ احتفاظ الإنسان بعلاقته مع مَن قطعه؛ إنَّما تصح إذا وقف موقفاً إيجابياً، وأمَّا إذا تعامل بموقف الإذلال والإهانة والتّنقيص فلا ينبغي للإنسان أن يذل نفسه؛ بل عليه أن يغض النظر عنه ويتركه؛ فإنَّ هذا الزهد في هذا المتكبر المتعالي أحسن لحاله، وأفضل علاج لغروره. 

والتوجيه الآخر في هذه الجوهرة العلوية التي لا تقدر بثمن؛ أنَّ مواجهة الصّفات السيئة بالصّفات الحسنة من أهم السبل في دفع آثارها، وتغييرها نحو الأفضل؛ فمَن أتى بأسباب القطيعة فالواجب أن نقابله بأسباب الصلة؛ حتَّى تتبدل القطيعة بالصّلة.

 وهنا تنبيه على أهمية الصّلة والتّواصل؛ خاصة مع من قطعها من الإخوان، وأن نكون في توفير أسباب الصلة أقوى ممن يمتلك أسباب القطيعة.

 فلو قصّر أحد الأخوين، وأراد القطيعة عبر اتخاذ موقف، أو القيام بعملٍ مِن شأنه أن يقطع العلاقة فلا تجعله أقوى منك؛ بل عليك أن تبادر، وأن تكون المنتصر في هذه المعركة من خلال مقابلة ذلك التّقصير بأداء المفروض أداؤه؛ والأمر الآخر المهم الذي يدعو إليه كلامه (عليه السلام): «وَلاَ تكُونَنَّ عَلَى الإِسَاءَةِ أَقْوَى مِنْكَ عَلَى الإِحْسَانِ» نهيه عن أن تسرع إلى الإساءة، وتبطئ عن الإحسان.

إنَّ مواجهة الإساءة بالإحسان من الأخلاق الرّفيعة التي تدل على إيمان وحسن خلق صاحبه، ورجاحة عقله؛ إذ لهذا الخلق أثر تربوي مهم يكمن في ردع الطرف المقابل وتغييره، أو تؤثر فيه أشدّ التأثير؛ فينتبه إلى سوء فعله ويندم على ذلك.

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نشرة الخميس/ نشرة أُسبوعيةٌ ثقافيةٌ (مجانية) تصدر عن العتبة العباسية المقدسة/ العدد 972.
السيد صباح الصافي



تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا