جوهر العلاقة مع الأهل
2024/03/17
274

قال الإمام علي (عليه السلام): «وَلاَ يكُنْ أَهْلُكَ أَشْقَى الخَلْقِ بِكَ» (تحف العقول: ص81).
الأسرة هي النواة الأولى للمجتمع فإن صلُحت صلُح المجتمع، وإن فسدت فسد المجتمع، وبناء الأسرة يتوقف على إعطاء كلّ ذي حقّ حقّه، والتعامل بأخلاق طيبة، وإذا حصل ذلك تحوّل البيت إلى جنَّة لا يخرج منها إلَّا العمل والسلوك الصالح؛ ولذلك أصبح خير الناس هو خيرهم لأهله.

وللأب التأثير الأكبر على الأسرة، وسلوكه يحدّد مدى الصلاح والفساد اللذين يمكن أن يصل إليه الأهل؛ فإمّا أن تصل إلى نعيم بفعل الرحمة، والأخلاق الطيبة، وإما أن يتحوَّل البيت إلى جحيم بفعل العنف، والأخلاق السيئة.

و"أهل الرجل من يجمعه، وإيَّاهم نسب، أو دين، أو ما يجري مجراهما من صناعة وبيت وبلد؛ فأهل الرجل في الأصل من يجمعه وإيَّاهم مسكن واحد، ثمَّ تجوز به فقيل: أهل بيت الرجل لمن يجمعه وإيَّاهم النَّسب، وعُبّر بأهل الرجل عن امرأته" (مفردات الراغب مع ملاحظات الكوراني: ص83).

"وأمَّا الشقي: ضد السعيد، وشقى يشقى فهو شقيٌّ" (مجمع البحرين: ص702).

"والعامل الأساسي في جعل الأهل أشقى الناس بالأب أو ربِّ الأسرة هو تضييعهم وحرمانهم من حقوقهم، وإعطاء حقوق الآخرين خارج إطار الأهل؛ اتكالاً على أنَّهم أهله، ولا يهم أمرهم؛ وإنَّما المهم أمر الأجانب..." (مجمع البحرين: ص702).

والفرق بين شقاء الناس وشقاء الأهل؛ أنَّ أذية الأهل وشقاؤهم أكثر من شقاء الناس؛ لأنّه أقرب إليهم، وأكثر ملازمة لديهم، وقد رأينا الكثير من الحالات لا تحب دخول آبائها إلى البيت؛ بل وتتمنى موته والخلاص منه بسبب الشقاء الذي لحق بهم، ومن المصاديق التي تورث الشقاء للأهل؛ تضييع حقوقهم، وسوء الخلق معهم، وقلّة الاهتمام بهم، وتفضيل الآخرين عليهم، وقضاء أغلب الوقت مع الأصدقاء خارج البيت، والحرمان من وقته.

إنَّ التقصير في حقّ الأسرة له عواقب وخيمة؛ سواء في الأسرة والأهل أنفسهم، أم من باب النتائج في قضايا تتعلق بسعي الإنسان؛ ولذلك يعبر البعض: إنَّ أفضل هدية يمكن أن يهديها الأب لعياله وأهله أن تخلق البسمة على وجوههم، وإذا لم يتمكن فعل ذلك أو أن يكون مصدراً للسعادة؛ فالأولى ألّا يكون وسيلة للشقاء، وقد سمعنا عن الكثير حينما يكون خارج البيت يضحك، ويفرح، وينشر السعادة، ولكن إذا دخل البيت أقفل كلَّ ذلك، ويبدأ بنشر التعاسة والشقاء.

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نشرة الخميس/ نشرة أُسبوعيةٌ ثقافيةٌ (مجانية) تصدر عن العتبة العباسية المقدسة/ العدد 975.
السيد صباح الصافي


تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا