تكوين الأسرة السليمة
2024/03/06
137

تتكون الأسرة السليمة من خلال زوج وزوجة وأولاد..

فذلك ركن آخر أساس للسعادة، إذ الإنسان قد فُطر في جسده وتكوينه النفسي على الحياة الأسرية، ولذلك على الإنسان منذ أوّل مراتب الرشد عند المراهقة أن ينتبه إلى أنه يتحرّك إلى تكوين الأسرة، وتكوين الأسرة يقتضي أن يكون للإنسان شخصية لائقة ومحترمة في داخل أسرته وفي المجتمع العام، ليصلح أن يكون رجلاً يرعى الأسرة وينفق عليها ويربّي الأولاد ويوصلهم إلى الحياة المستقلّة على وجه لائق، أو تكون امرأة تصلح أن تكون عماداً للأسرة وحاضنة للأولاد ومربّية لهم حتى استقلالهم لحياتهم الخاصة.

وهذه اللياقات إنما تحصل بالتربية الحسنة المبكرة من قِبل الأبوين منذ الطفولة، ثم اهتمام المرء نفسه منذ الرشد على مزيد من التعقل، والاستيعاب لمقتضيات الحياة، ومعرفة الطريقة السالكة، والحذر من التجارب المريرة التي تورث الندامة حين لا مندم.

ومن الخطأ ما يفعله بعض الآباء والأمهات من ترك الطفل حراً حتى يكبر، ويقولون في مثله: (دعه ليتنفس)، و(هناك وقت حتى يكبر)؛ وذلك لأن الطفل لا بدّ من أن يكون له مساحة من الحرية لكنه لا بدّ من أن يتلقى مع ذلك التربية السليمة بالطرق الملائمة منذ بدايات صلوحه لمعرفة الأشياء واكتساب العادات، إذ يستحيل تغييره عما رسخ فيه من ذهنيات وعادات وسلوكيات لاحقاً، وكم من فتى أو فتاة شقيَ بعدم التربية السليمة والوقوع في التجارب الضارّة التي لا تنمحي آثارها السلبية على نفس الإنسان، ولم ينجح في توفير أركان السعادة في الحياة الأسرية والعامة في أثر ذلك، وكم من فتى أو فتاة تعهد والداهما بتربيتهما ورعايتهما على وجه ملائم فنبتا نباتاً حسناً وكانا رائعين في شخصيتهما وسمتهما وسلوكهما وفهمهما، ولكلٍّ نماذج مشهودة للجميع.

إذن تكوين الأسرة ركن أساس للسعادة؛ لأن الإنسان إنما يحيا ويعيش ويسعد مع أسرته التي يكوّنها، فهو طيلة عمره يكون قرين هذه الأسرة، ولا مناص له عن ذلك، فإن عاش المرء سعادة في أسرته فتلك الجزء الأهم من السعادة في الحياة وإن كان هناك مشاكل خارج الأسرة.

كما أن تكوين الأسرة ركن أساس لرعاية الفضيلة؛ لأن للإنسان حوائج جسدية ونفسية فُطر عليها، فإن استجاب لها وفق ما خطط له في فطرته استطاع الحفاظ على المبادئ التي زُوّد بها وفُطر عليها، وإلّا ابتلي بوجوه من الانحراف والخطيئة والعقد النفسية الناشئة من الحرمان، وذلك مما يوجب ممارسة الإنسان لأنواع من الظلم والعدوان والازدواجية والشذوذ والانحراف وكثير من الخطايا، ولذلك جاء في الحديث عن النبي (صلى الله عليه وآله) أن «من تزوّج أحرز نصف دينه» (الكافي: ج5/ ص329).

فالزواج الملائم نعم العون على رعاية الفضائل، وتجنّب الرذائل، ومراعاة الحدود، والاستقامة في السلوك، ومن تجنّبه كان عرضة لوجوه من الخطايا أو الأخطاء.

 

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نشرة الخميس/ نشرة أُسبوعيةٌ ثقافيةٌ (مجانية) تصدر عن العتبة العباسية المقدسة/ العدد 972.
* (انظر مقال: الشباب وأولويات الحياة، للسيد محمد باقر السيستاني)


تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا