التربية الإسلامية
2024/01/29
265

إن التربية الإسلامية هي من أساسيات التربية ثم تنخرط منها الجوانب التربوية الأخرى كالعلمية والأخلاقية والثقافية والمهنية.. وإلى آخره.
هناك ثلاث مسائل يمكن لها أن تلعب الدور الكبير في تكوين وتركيب شخصية الطفل أثناء عملية التربية  إلا أن تأثير هذه المسائل الثلاث لا يعني أبداً أنه يخرج عن كونه مختاراً، فلو فرضنا أن ولداً تأثر بأجواء معينة وانحرف عن جادة الصواب فإن ذلك لا يعني أنه مجبر على سلوك درب الانحراف بل إن الظروف المحيطة به ساعدته على الوقوع بسوء الاختيار والإنحراف.. 

وماهي هذه الظروف التي يقع على عاتقي أنا كأم أن أعمل دوما على صيانتها؟
1. وضع الأم والأب: فهم في عيني الولد هما الأنموذج الكامل وأول قدوة يحاول أن يقلدها ولذا فإن الطفل ينظر إلى أفعالهما نظرة على أنها الأعمال الصحيحة فلا يعتبر أن ما يقومان به هو أمر خاطئ بل إن معيار الصواب لديه هو نفس عمل الأبوين ولذا فإن الأهل تقع عليهم المسؤولية تجاه الولد من عدة جهات.كذلك اختلاف الوالدين واتفاقهما من العوامل المؤثرة إذ إن الولد الذي يفتح بصره على الحياة في ظروف مليئة بالتشنج والتوتر بين أبويه ولا سيما حينما يختلفان أمام عينيه فهذا السلوك الخاطئ من الأهل يجعل الحالة النفسية لباقي أفراد الأسرة مضطربة ومتوترة على الدوام لأن وسيحمل الولد معه هذه العادات المنافية لتعاليم الدين الاسلامي لكونه يعتبرها من الكمالات لا من السيئات لكونه اكتسبها من أمه وأبوه بشكل مباشر ولو تعود على فعلها منذ الصغر اقتداءً بذويه فإنه وإن علم بقبحها في مرحلة وعيه فإن من الصعب اقتلاعها حينئذٍ ويتحمل الأهل مسؤولية ذلك ولا سيما إذا كانت العادات هذه من المحرمات الشرعية بناء على قاعدة الحديث الشريف المروي عن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم): "... إياك أن تسنّ‏َ سنَّة بدعةٍ فإنّ‏َ العبد إذا سن سنَّةً سيئةً، لحقه وزره ووزر من عمل بها"..
وهذا النوع من التوتر يسلب الأطفال فطرتهم فإذا عدنا لحيثيات الدين الإسلامي نجد أن من أساسيات البيوت الناجحة هو الهدوء والتفاهم بين جميع الأطراف والتي تمثل البيئة الخصبة لزرع مبادء الدين الإسلامي وتربية الأطفال منذ نعومة أظفارهم عليها.

2. المدرسة: فهي البيئة الثانية التي يأخذ منها الطفل علومه الأولى ولذا فإن اختيار الأهل للمدرسة الملائمة للطفل له الدور الكبير في الحفاظ على سلامته الدينية بحيث يتربى على المبادئ الصالحة فإن المدرسة الجيدة التي تبني الأولاد على مبادئ الإسلام هي الموضع الصالح الذي أشارت إليه الروايات ففي وصية النبي لعلي (عليه السلام) قال: "يا علي حق الولد على والده أن يحسن اسمه وأدبه ويضعه موضعاً صالحاً".

3. الأصدقاء: على الأهل أن يلتفتوا جيداً إلى مدى تاثير الأصدقاء وإلى كيفية اختيار الطفل لهم فإن الصديق يوثر على الصديق ولذا أكدت الروايات على اتخاذ الصديق الحسن ففي الرواية عن الإمام علي عليه السلام: "ليس شي‏ء أدعى لخيرٍ، وأنجى من شرٍ، من صحبة الأخيار"، كما أن الصديق السيئ يفسد الجيد كما تفسد الفاكهة الفاسدة الفاكهة الجيدة.

حتى هنا نكون تعرفنا على المؤثرات الأساسية على الأطفال في مراحل نموهم والآن على مراحل النمو ذاتها وكيف يوجهنا الدين الإسلامي للتعامل في كل مرحلة عمرية من مراحل حياة أبنائنا..
فقد ورد في الحديث الشريف عن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم): "الولد سيد سبع سنين وعبد سبع سنين ووزير سبع سنين فان رضيت خلائقه لإحدى وعشرين، وإلا فضرب على جنبه فقد أعذرت إلى الله تعالى"، لقد قسم الحديثُ الشريف المراحل التربويَّة للطفل إلى ثلاث مراحل وهي:  

 

  • المرحلة الأولى: وهي مرحلة الطفولة ومرحلة اللهو وصفها الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) بالسيد لأن الولد لا يلام في هذا العمر على كثير من التصرفات لمحدودية قدراته الفكرية.
  • المرحلة الثانية: وهي مرحلة ينبغي أن تكون مرحلة التربية المباشرة والتأديب بأسس الأخلاق والخصال الحميدة ولذلك عبر عنها بالعبد أي يتلقى الأوامر وتراقب تصرفاته.
  • المرحلة الثالثة: وهي مرحلة الشباب والمراهقة فيلازم أباه فيها كملازمة الوزير للملك فيكتسب من خبرات أبيه في الحياة ويتعلم أساليب العمل والعيش وأن تلازم الفتاة أمها للتعلم منها وواجب أولياء الأمر هنا هو إبداء كل ما هو جيد.

 

وهناك جملة من التصرفات التي أرشدنا لها الدين الإسلامي والمقصود بها هنا المحبة وإظهارها للطفل فهي الغذاء الروحي الأول لشخصيته وإعطائه العاطفة يتم ذلك من خلال أمور عده ومنها مسالة مهمة جدا وهي مسألة التعبير الكلامي، ومن الضروري أن يعلم  كل من الأب والأم الكريمان أن محبة الأطفال زيادة عن كونها غريزة إنسانية جعلها الله في كل إنسان فهي من الأمور التي يحبها الله تعالى في عباده، بل جعلها من الأعمال ذات الفضل الكبير عنده، ففي الرواية عن الإمام الصادق (عليه السلام):
قال موسى: " يا رب أيّ‏ُ الأعمال أفضل عنك؟
قال: حبّ‏ُ الأطفال، فإني فطرتهم على توحيدي، فإن أمَتُّهُمْ أدخلتهم جنتي برحمتي".
وعن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم): "من كان عنده صبي فليتصاب له والمقصود من التصابي أن لا يتوقع الوالد من ولده سلوك الكبار بل على العكس فعلى الوالد أن يتواصل مع الصبي بأسلوبه وبحسب عمره وقد ورد أن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) كان يلاعب الحسن والحسين (عليهم السلام) ويتصابى لهما.

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: إذاعة الكفيل - برنامج غمار تربوية - الدورة البرامجية 77 - الحلقة الأولى.

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا