الأسرة وبناء العلاقات
2023/01/16
528

لقد شدد الإسلام على الأسرة المسلمة وعلاقاتها بالأفراد والأسر الأخرى ولذلك كانت العقوبات والمحن مرتبطة بقطع الروابط والصلات بين الأفراد 
والأسرة في المجتمع ويشير الى أهمية ذلك أمير المؤمنين (عليه السلام): «إن أهل البيت ليجتمعون ويتواسون وهم فجرة فيرزقهم الله عز وجل وإن أهل البيت ليتفرقون ويقطع بعضهم بعضا فيحرمهم الله وهم أتقياء».. 
لذا لابد أن تكون العلاقات بين الأفراد في الأسرة الواحدة على تلك الصورة من القوة والمتانة والترابط فالأسرة في علاقاتها تتجاوز أفرادها لتصل الى الجار، ولتكون العلاقة مع الجار كعلاقة الأسرة بأفرادها، فالرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) كتب بين المهاجرين والأنصار ومن لحق بهم من أهل يثرب «أن الجار كالنفس غير مضار ولا آثم، وحرمة الجار كحرمة أمه»، هكذا يركز ديننا الإسلامي العظيم في الأسرة كيفية بناء الفرد لعلاقاته مع أسرته ومع من جاوره من الأفراد والأسر، ليصل الى أربعين داراً من كل جانب، وكان هذا جواب الصادق (عليه السلام) عندما سئل عن حد الجار وما اوضحه الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله): « كل أربعين دار جيران من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله»..

وهكذا يتعلم الفرد في الأسرة كيف ينمي علاقته، فإذا كان المستلزم الأول في بناء العلاقات مع الآخرين هو الشعور بالمسؤولية فإن الأسرة المسلمة هي التي تربي فيه عملياً ذلك الشعور، وإذا كانت الأخلاق من الأمور الهامة في بناء العلاقات فإن الأسرة المسلمة تقوم بتعويد الفرد وتعليمه معنى الالتزام، واحترام الوقت، وآراء الآخرين، والعمل الجماعي المنضبط، والجدية في ذلك، وممارسته تلك الأمور الأخلاقية وغيرها ممارسة عملية، فتنمي في الفرد تقبله للآخرين وتقبل الأفراد الآخرين له. 

يحكي أحد الأخصائيين النفسانيين قصة من واقعه إذ يقول: استرجعت بعض المعلومات في ذهني وتذكرت صديقاً قديماً كان أنجح مني في علاقاته مع الآخرين، وكان الشيء الذي يميزه عني هو قوة بيانه وطلاقة لسانه، ولم اكن أدرك حينها لماذا لم أكن طليقاً مثله ولكني أدركت الآن السبب، لقد كان ذلك الصديق يحصل على تلك السمة من أسرته التي كانت تتعامل معه بطريقة تدعوه للانطلاق وحرية الكلام، في حين أني لا أنسى انني انتقدت يوماً احدى الماكولات على المائدة وكانت عبارة عن هدية فما كان من أسرتي إلا أن انهالوا علي قذفاً وتوبيخاً، الأمر الذي دعاني لأن أتجرع الصمت في كثير من الأمور التي تحتاج الى حديث ومبادرة أو نقد او مجاملة.
 
وختاما.. نقول إنها الأسرة هي التي تبني في الفرد الشعور وتمنحه القدرة لبناء العلاقات بدرجات متفاوتة بين فرد وآخر. 

 

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: إذاعة الكفيل - برنامج أسرتنا الى أين الدورة الــ 56 - الحلقة الحادية عشر.


 

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا