الأسرة وكيفية تعاملها مع الطفل من ذوي الهمم العالية
2023/01/16
628

يمثل الطفل ذو الهمة العالية (ذو الاحتياجات الخاصة) عائقاً فى حياة إخوته وأسرته ويبدو هذا واضحاً أكثر فى الأوساط الشعبية التى ينتشر فيها الفقر والأمية، وتقسو الظروف على الجميع، وخاصة على الأطفال الذين يجدون أنفسهم محرومين من أبسط أشكال الرعاية والأمهات يجهلون أبسط المبادئ والقواعد المتعلقة بالتعامل مع الأطفال بشكل عام وخاصة مع ذوي الهمم العالية الذين يمثلون عبئاً مادياً ونفسياً ثقيلاً على آبائهم وإخوتهم، سواء فى الأسر الفقيرة، أو حتى فى الأسر الغنية، مما يستدعى التفكير فى الطرق التى نستطيع بها مساعدة هذه الأسر فى تحمل أعبائها والتعامل مع أطفالها المميزين بما يساعد على التخفيف عنهم وقبول الآخرين لهم..

الإعاقة ليست مشكلة خاصة بالأطفال وأسرهم وإنما هى مشكلة يواجهها المجتمع كله فالأطفال من ذوي الهمم العالية تتراوح نسبتهم فى بعض المجتمعات العربية بين 2% و 3% والشعور بالإعاقة وبتأثيراتها يختلف حسب درجة القرب أو البعد من الشخص نفسه، فشعور الإخوة وبقية أعضاء الأسرة بالإعاقة التى يعانى منها أحد أفرادها غير شعور الآخرين الذين لا تربطهم بالشخص رابطة خاصة..

من هنا كان التركيز فى هذه الحلقة على إخوة الطفل ذو الهمة العالية وعلى الأساليب والوسائل التى نستطيع بها إرشادهم ليتقبلوه ويساعدوه على التغلب على إعاقته والتخفيف من تأثيراتها السلبية وتنمية قدراته والاندماج فى حياة الأسرة وحياة المجتمع..
ويعتقد معظم الباحثين فى مشكلة الإعاقة أن إخوة الطفل يشاركونه معاناته، أو يعانون مشكلته أكثر منه، ويستطيعون أن يساعدوه أكثر من غيرهم، ولكنهم يحتاجون إلى الخبرات والإرشادات التى تمكنهم أولاً من التغلب على معاناتهم الشخصية، وتمكنهم بالتالى من مساعدة أخيهم ذو الهمة العالية..

كما أن وجود الطفل ذو الهمة العالية فى الأسرة قد يكون له تأثيرات سلبية على توافق إخوته بسبب ما تفرضه بعض الأسر على نفسها من عزلة تحد من فرص اندماج إخوة الطفل واختلاطهم بالآخرين فى الحياة والمناسبات الاجتماعية، وربما بسبب تململ إخوة الطفل وامتعاضهم من الانشغال المستمر للوالدين بهموم الطفل واهتمامهما برعايته..

وفى هذا المجال تؤدي الثقافة والإعلام دوراً خطيراً سواء فى الإجابة على أسئلة الأخوة ومساعدتهم فى التغلب على معاناتهم والتكيف مع ظروف الإعاقة ومواجهة تأثيراتها السلبية عليهم، أو فى علاج الأخ ذو الهمة العالية ومساعدته فى كسر الحواجز القائمة بينه وبين الآخرين والاندماج فى حياتهم..

فياترى ما الذى تستطيع الثقافة والفنون أن تقدمه للطفل ذو الهمة العالية وأخوته؟؟
وما هى الأساليب والوسائل التى يمكن من خلالها سد الفجوة بين ذوي الهمة العالية وأسرهم؟؟
وكيف نقدم إرشادا ثقافيا وفنيا لعلاج هذه المشكلة؟؟

لاك أن الثقافة عامة تساعد على فهم الأسباب المؤدية للإعاقة، كما تساعد على قبول المعاقين والتعاطف معهم وتشجيعهم على التعبير عن أنفسهم وتنمية قدراتهم والاندماج بقدر الإمكان فى المجتمع الذى يعيشون فيه والثقافة التى نقصدها هنا لها معنيان، الأول هو الثقافة العامة، أى الاستنارة، والعقلانية، وسعة الأفق، ورحابة الصدر، وقبول الآخرين..
وباختصار كل ما يجعل الإنسان قادرا على التعامل مع غيره من البشر بفهم وإدراك ورغبة فى تحسين شروط الحياة بالنسبة للجميع، والتعاون مع الجميع لصالح الجميع.

والمعنى الآخر للثقافة المقصود هنا هو المعنى العلمي المتمثل فى الثقافة النفسية التى تستطيع أن تخضع الإعاقة للبحث العلمي، وأن تزود المجتمع عامة والأسرة خاصة بالمعلومات والخبرات التى تساعد الجميع على التعامل مع المعاقين بما يجعل الأسرة مهيأة نفسيا وماديا لقبول الطفل ذو الهمة العالية وتوفير أفضل الشروط التى تساعده على مقاومة إعاقته، وتنمية قدراته، والاندماج فى مجتمعه الصغير والكبير.

ومن المعروف أن البيئات الشعبية خاصة فى بلادنا تميل إلى تفسير الإعاقة بشكل عام، والإعاقة الذهنية خاصة تفسيراً بعيداً عن الواقع، وهذه النظرة الخرافية، تحول بين الطفل وبين المجتمع عامة وإخوته وأسرته بشكل خاص..
ومن الطبيعى أن تنعكس معاملة الأسرة لطفلها بهذه الطريقة على الأسرة نفسها، إذ يشعر أفرادها بالذنب لأنهم يعاملونه بهذه الفظاظة أو يشعرون بالنقص لأن لهم أبنا معاقا يطلقون عليه أسماء مهينة تعرضه للسخرية وتنتقص من قدره.

وقد تبالغ بعض الأسر، خاصة الغنية، فى تدليل أبنها ذو الهمة العالية وتعامله بطريقة تحرمه من الاعتماد على نفسه وتشعره دائما بالحاجة إلى غيره، وتشعر إخوته وأهله عامة بأنه عالة عليهم.
وتكون النتيجة مماثلة لما تسببه المعاملة القاسية، وهى عزلة الطفل وعجزه عن الاندماج.

وفي النهاية نقول ان الإعاقة لها نتائج لا تنفع معها الثقافة وحدها أو الإرشاد وحده فى بعض الأحيان، وإنما تحتاج فوق ذلك إلى العلاج النفسى على يد أطباء نفسانيين محترفين أو على يد أفراد الأسرة الذين يمكن أن يساعدوا الأطباء ويكملوا عملهم عن طريق تدريب الاسرة على كيفية التعامل معهم.

 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصدر: إذاعة الكفيل - برنامج أسرتنا الى أين الدورة الــ 56 - الحلقة الثامنة.

 

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا