دُعاءُ الفَرَجِ.. شُعلةُ الأملِ في وجدانِ الأطفالِ
2025/10/21
28

 

يُعَدُّ الدعاء من أرقى أشكال العبادة التي تُجسِّد صلة العبد بربِّه، فهو ليس مجرد كلمات تُتلى، بل منظومة متكاملة من القيم الروحية والتربوية التي تؤثر في وجدان الإنسان وتوجِّه سلوكه.

 

ومن بين الأدعية المأثورة يبرز دعاء الفَرَج للإمام المهدي (عجّل اللهُ فرَجَه) بما يحمله من معانٍ عميقة تبعث الأمل والطمأنينة وتعبِّر عن التطلع إلى قيام العدل الإلهي المنتظَر، وهو: «اللَّهُمَّ كُنْ لِوَلِيِّكَ الحُجَّةِ بْنِ الحَسَن...» (انظر: الكافي: ج٤/ص١٦٢/ح4).

إنَّ تعويد الأطفال على هذا الدعاء العظيم منذ الصغر يُسهم في تنمية وعيهم الديني وترسيخ هويتهم الروحية والأخلاقية.

 

أولًا: دعاء الفرج ومعانيه

يتضمن هذا الدعاء الشريف إشارات تربوية عميقة، منها:

1- استشعار معية الله وحمايته.

2- تعزيز صورة القائد المصلح في وجدان الطفل.

3- بثُّ روح الأمل بمستقبل يسوده العدل والسلام.

فالطفل حين يردِّد هذه الكلمات لا يكتفي بالحفظ، بل يكوّن صورة وجدانية تمنحه الاطمئنان وتربطه بمشروع ربَّاني كبير.

 

ثانيًا: الأثر النفسي والتربوي

1- تعزيز الأمل والتفاؤل: يزرع الدعاء في وجدان الطفل أنَّ الفرج قادم مهما اشتدت الأزمات.

2- ترسيخ الهوية والانتماء: يربط الطفل بجذوره الدينية وفكرة العدل الإلهي.

3- التوازن النفسي: يمنحه الطمأنينة ويخفف من القلق والخوف.

4- تنمية الوعي الأخلاقي: قيم مثل الصبر، الإصلاح، التعاون، وحب الخير للآخرين.

5- الجانب العاطفي: يولِّد مشاعر المحبة والتعلق بالإمام، ويقدِّم له أُنموذجًا للقيادة الصالحة.

 

ثالثًا: التحليل التربوي

1- عبارة «حافظًا وناصرًا» تغرس في الطفل شعور الحماية والرعاية الإلهية.

2- عبارة «دليلًا وعينًا» ترسخ فكرة القيادة الراشدة والقدوة الصالحة.

3- تكرار الدعاء جماعيًا في الأسرة أو المدرسة يعزز روح الانتماء والمشاركة.

 

رابعًا: آليات عملية لتربية الأطفال على الدعاء

1- القدوة الأسرية: بأن يقرأ الوالدان الدعاء يوميًا أمام أطفالهم بصوت مؤثر.

2- التكرار الجماعي: بتنظيم جلسات قصيرة في البيت أو المدرسة لقراءته معًا.

3- الشرح المبسط: تبسيط معاني الدعاء للأطفال بلغة يفهمونها.

4- الأنشطة الإبداعية: كالرسم والكتابة عن مفاهيم الدعاء مثل الأمل والنور.

5- الربط بالسلوك اليومي: بتعليم الطفل أنَّ انتظار الفرج يعني العمل بالصدق التعاون والإصلاح.

 

خامسًا: البعد المستقبلي وانتظار الفرج

يُعَدُّ انتظار الفرج من أعظم الدروس التربوية التي يغرسها دعاء الفرج في شخصية الطفل، فالطفل حين يردد هذا الدعاء يتعلَّم أنَّ العالم ليس عشوائيًا، بل يسير نحو غاية إلهية كبرى هي ظهور العدل على يد الإمام المهدي (عجّل اللهُ فرَجَه).

 

وهذا الإحساس يولِّد لديه:

1- رؤية إيجابية للمستقبل: فلا ينغلق في همومه الصغيرة، بل يعيش على أمل تحقُّق وعد الله.

2- الاندفاع نحو الإصلاح: بأنَّ انتظار الفرج لا يعني السكون، بل العمل الصالح والالتزام بالأخلاق يُمثِّل جزءًا من الاستعداد لذلك اليوم الموعود.

3- المسؤولية المجتمعية: يشعر الطفل أنَّه جزء من أُمة تنتظر القائد العادل، فينشأ بروح جماعية بعيدة عن الأنانية والانغلاق.

 

وأخيرًا، يتضح أنَّ دعاء الفرج ليس نصًّا تعبُّديًا فحسب، بل هو منهج تربوي وروحي متكامل، يُسهم في صياغة شخصية الطفل دينيًا وأخلاقيًا ونفسيًا.

ومن هنا، تبرز الحاجة إلى دمج هذا الدعاء في برامج التنشئة والتربية الأسرية والتعليمية؛ ليكون رافدًا في صناعة جيل مؤمن متوازن ومتمسك بقيم السماء، مستعدًّا لحمل رسالة العدل والسلام في عالم يترقب الفرج الإلهي.

 

  • د. رسول طاهر الأسدي
__________________________________________
نشرة الكفيل/نشرة أُسبوعيةٌ ثقافيةٌ (مجانية)، تتناولُ المعارفَ القُرآنيةَ، والعقائديةَ، والفِقهيةَ، والتاريخيةَ، والأخلاقيةَ، والتربويةَ، والاجتماعيةَ، والصحيةَ بأُسلوبٍ مبسّطٍ ومختصرٍ، تصدر عن العتبة العباسية المقدسة/ العدد 1043.
تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا