الازدواجية المقيتة
2022/10/10
516

ذات ظهيرة وفي إحدى سيارات النقل العام حاولت تمضية الوقت بقراءة صحيفة تعوّدت شراءها يومياً ولكن كان صوت امرأتين جلستا خلفي مرتفعاً مسموعاً من أغلب الراكبين إلى درجة أفقدني التركيز على قراءة سطرٍ منها فما كان لي إلا أن تركتها جانباً..
وكان الحديث حول عائلات أبنائهن.. فكانت الأولى تسأل يا (أم فلان) كيف هي أحوال زوجة ابنك الأصغر؟

أجابت الثانية: آه يا (أم فلانة) أذهبها الله لما تفعله بولدي!
لقد أتعبته كثيراً وجعلته خادماً لها..
فمن أجلها يصحو باكراً ويجهز الإفطار لتصحو وقد وجدت كل شيء جاهزاً..
ويومياً يذهب بها للتنزه وزيارة أقاربها..
ولا يكاد يمضي يوم إلا ويصحبها إلى أفخر المطاعم!
وهي لا تقوم بأعمال البيت جميعها، كسولة و لا تعينني أبداً..

 

فقالت الأولى: هوني عليك يا (أم فلان) عسى الله أن يصلح حالها.. ولكن أخبريني ما هي أخبار زوج ابنتك؟ عسى أن يكون مستحقاً للجوهرة التي أخذها منكم؟

فانفرجت أساريرها وقالت: إنّه من أروع الرجال وأكثرهم حرصاً على زوجته والحمد لله الذي منَّ على ابنتي بهذا الزوج الطيب ما أندر من هم على شاكلته..
تصوري يا (أم فلانة) منذ زواجهما إلى اليوم وهو يوقّت المنبه ليستيقظ قبلها باكراً..
ويُجلب الخبز الحار من الفرن القريب ويسرع لطعام الإفطار الذي يتفنن في إعداده وتنويع أكلاته..
وعندما ينتهي عمله يأتي بطعام الغداء من أفضل مطعم في الحي..

كما إنه دوماً يأخذها معه لزيارة المناطق الترفيهية الجميلة..
والأجمل من هذا كله أنهم لا يسمحون لابنتي بالقيام بأي عمل بيتي مهما كان بسيطاً.. ألم أقل أنه زوج رائع !؟

 
وهنا وضعت أصابعي ملء أذني تجنباً لسماع المزيد من هذه الازدواجية المقيتة والتي تعيشها كثير من الأسر..
كم هو عجيب!! الأمر ذاته في كلتا الحالتين..
ولكن (زوجة الابن) زوجة غير صالحة قد آذت الابن بدلالها ؟!
و(زوج البنت) لا مثيل لروعة ونبل أخلاقه ؟!

 
أخيراً أقول أننا كثيراً ما نعيش هذا النوع من الازدواجيات..
ليس على مستوى الأسر فحسب بل وفي مختلف مجالات الحياة الأخرى..
وهنا سؤالٌ أضع بعده ألف علامة استفهام.. لماذا؟..

 

___________________________________
المصدر: نشرة الخميس/ نشرة أسبوعية ثقافية تصدر عن قسم الشؤون الفكرية والثقافية في العتبة العباسية المقدسة- العدد 617.
صادق مهدي حسن 

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا