إنّ ما نعيشه في أيامنا هذه من انتشارٍ للفقر، يجعل موضوع الصدقة من الموضوعات الهامة في حياتنا، فالصدقة تزكّي النفس والمال، وتحمي من الشحّ والبخل، وتزيد من الألفة والتعاون بين أبناء المجتمع الواحد، ولقد أعطى الإسلام فرصة لصدقات يستمر أجرها بعد موت صاحبها وجعلها تحت عنوان الصدقة الجارية 
و الصدقة الجارية تعني الصدقة المستمرة والباقية ، أي التي تبقى مدة طويلة ويستمر أجرها حتى بعد موت صاحبها، أمّا الصدقة التي لا تبقى فهي التصدّق بالمال أو بالطعام على الفقراء، فهذه الصدقة فيها من الأجر والثواب الجزيل ولكنها لا تبقى إذ إنّ أجرها يؤخذ مرّة واحدة عند إعطائها للفقير.
الصدقة الجارية للميت في الحديث النبوي
قال الرسول (ص وآله): " إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له".  

والآن نتحدث عن صور الصدقة الجارية ومنها   بناء مسجد أو تجديده؛ فيعدّ بناء المساجد او إعادة تجهيزها بالسجاد وغيره من أعظم الأعمال الجارية إذ إنّها تتعلّق ببيوت الله ووضع برادات مياه في المساجد: هذه تعتبر أيضاً من ماء السبيل.

 تخصيص ماء للسبيل: فيعتبر ماء سبيل من أفض الصدقات لكثرة المنتفعين به، فكما روي عن سعد بن عبادة رضي الله عنه قال: "قلت يا رسول الله إنّ أمي ماتت أفأتصدق عنها ؟ قال: نعم، قلت فأيّ الصدقة أفضل: قال سقي الماء"، وفي أيامنا هذه هناك حاجة كبيرة لمثل هذه الصدقة في الكثير من الاماكن العامة خاصة في المناسبات الدينية التي يكثر فيها السواح والزوار  حيث يفدون من مختلف الدول.

ومن صور الصدقة الجارية توزيع كتيّبات أو أجزاء من القرآن عن الميت أو وضع مصاحف قرآن في المسجد.

ومنها أيضاً ولد صالح يُحسن تربيته: فالابن الصالح والمؤمن الذي يتصف بالاستقامة والإتزان ويؤدّي الفرائض هو ولد صالح يصل ثواب عمله لأبويه، فهما من أنشآه هذه التنشئة الصالحة.

ومنها زراعة الأشجار: فالأشجار قد يستظل بها الناس، أو يأكلون من ثمرها، وحتّى الطير والدوّاب تستفيد وهي صدقة جارية.
ايضا بناء المدارس التي تكون بذاتها صدقة جارية.

ومنها أيضاً الوقف سواء كأراض أو مشاريع بحيث يصرف ريعها على الفقراء أو الأيتام أو طلاب العلم. او في ما يخدم القضية الحسينية.

ومنها التبرّع بالأدوات الطبية للمستشفيات كالأسرّة و الأجهزة الطبية المختلفة.

الأمثلة السابقة تعد من أكثر أنواع الصدقة الجارية شيوعاً منذ القديم وحتّى الآن، وبعد استعراضنا لأوجه الصدقات المختلفة، فلو أن كل مسلم ترك صدقة جارية بعد موته فكم من الفائدة والخير ستعم على المسلمين وكم من الأجر والثواب سيصل صاحب الصدقة.