حوارٌ بين الأرض والسماء
2025/08/26
23

(كنتُ أنا الشاهدة)

كنتُ وراء التضرّع، خارج الوقت والمكان.
شدّتني دروب الحُلم إليه.
جلستُ تحت ظلال الانتظار أُصلّي،
حقلٌ من الضوء…
رأيتُه في حضرة الحسين يزور،
نورٌ يشعّ من الأرض، ونورٌ من السماء،
وأغصان لهفةٍ تورق في ضواحي الحوار.

كنتُ شاهدةً على ما تقوله الأرض،
وأسمع بأذني ما تقوله السماء.

تعلّمتُ أنّ ضوء الشمس لا يجفّ على وجه الأرض،
وأنّ الأرض وما تملك ترفع رأسها حين تأتزر الدعاء.

ابتدأت الجذوة الأولى:
«مرحبًا بك يا أبا عبد الله، يا زين السماوات والأرض».

قالت الأرض:
ــ كيف يكون يا رسول الله زين السماوات والأرض أحدٌ غيرك؟

فأجاب:
ــ والذي بعثني بالحقّ نبيًّا، إنّ الحسين في السماء أكبر منه في الأرض، مكتوب عن يمين عرش الله سبحانه: مصباح الهدى وسفينة النجاة. إمامٌ غير وهن، عزٌّ وفخر، وعلمٌ وذخر. وإنّ الله سبحانه ركّب من صُلبه نطفةً طيبةً مباركةً زكية.

ابتسمت السماء وقالت:
ــ «وما ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحيٌ يوحى، علّمه شديد القوى».
وهل بعد ذلك عندكِ يا أرضُ من كلام؟

عندها وجدتُ النور على أطراف ماء، وبعض مثار أمنياتٍ تنتمي إليّ.
وصرتُ موقنةً أنّي أملك اليقظة في حلمٍ لا غفلة فيه.
وخفتُ أن ينخسف الحُلم فأخسر.

استميحكم عذرًا…
سأسكت كي لا تفوتني ومضة من حوار.

قالت السماء:
ــ مقاماته في عالم الملك، وفي بقعةٍ أشرف ما عندي، هو العرش.

فأجابت الأرض بكلماتٍ ترتدي سرعة الضوء،
لتنفتح الحقول ويشتعل نبض الأرض لهذا اليقين:

ــ أنا حملتُ كلّ هموم الكون حتى حاصرني الذهول.
كلّ ما فيكِ يا سماءُ يحبّ الحسين.
لكن جثموا على صدري أهل الغدر والنفاق،
نصبوا السقيفة فتنةً وشقاقًا.
هل عندكِ يا سماء من يتجرّأ على حرق دار الزهراء عليها السلام؟
وقتل أمير المؤمنين؟
وقتل الحسن؟
ومن ثم الحسين؟

أيُّ صبرٍ أحتاج لأهضم كلّ هذا الجور؟

الحسين… مشروعٌ إلهي على الأرض،
وزرعٌ أنبته الله سبحانه لوجود الإنسان على ظهري.
فكيف تعيشين يا سماء مع مثل هؤلاء القوم؟
عَمَّروا دينًا آخر غير الإسلام، وصلّوا!
والحسين مصباح الهدى وسفينة النجاة.

اتصال الأرض بالسماء يقول:
ــ لا أحد يُدرك إلى اليوم مقامه.
ومعاجز تربتي تشهد بالشفاء.

لقد شمّ أمير المؤمنين أثري ونادى:
«هنا مناخ ركابهم».

في تربتي الشفاعة والسلام،
ورغم ذلك أقرّ أنّ الحسين في السماء أكبر.



فقلتُ في نفسي:
هل كنتُ في غيبوبة؟
أم في حلم؟
أم فطرةٌ تمكّنت من رؤية ما وراء الضوء؟

وحين صحوتُ، قلت:

السلام عليك يا أبا عبد الله، في الأرض وفي السماء.

 

أفياء الحسيني

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا