حِكَمٌ راشِدَةٌ / 7 مطابقة القول للفعل، والاتصاف باللياقات الملائمة
2025/08/24
46

(الحكمة التاسعة):

أن يهتمَّ المبلِّغ بمطابقة خصاله وسريرته مع توصيفاته وأقواله، فيكون أسبق من الناس في العمل بها، فإنَّ ذلك أقرب إلى الصدق وأبعد من الرياء وأوجب للإخلاص والتأثير في المخاطبين، فكيف يصف المرء بصدقٍ خصال النبيِّ (صلى الله عليه وآله) وعترته النبيلة ويوصي الآخرين بها -من عبادتهم لله سبحانه وإعراضهم عن الدنيا وتحرّيهم للعدل والصدق والعفاف والوفاء والإحسان إلى الوالدين وسائر المعاني النبيلة- وهو بعيد عنها في نفسه وفي عمله، وقد قال الله سبحانه: }أتَأمُرُونَ النَّاسَ بِالبِرِّ وَتَنسَوْنَ أنفُسَكُمْ{ (البقرة: 44)، وقال تعالى: } يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِـمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ{ (الصفّ: 2)، ومَن تعوّد على أن يقول ما لا يعمل نبت في قلبه الرياء وغلب على سيرته التلوُّن، وذلك ممَّا يحبط العمل ويفضح صاحبه إن في الدنيا أو في الآخرة، وقد يؤدِّي إلى سوء العاقبة، نعوذ بالله تعالى منها.

(الحكمة العاشرة):

أن يتَّصف المبلِّغ باللياقات الملائمة لهذه الوظيفة الشريفة والسمت المناسب لها، فإنَّ لكلِّ وظيفة أمورًا ملائمة لها من حيث المظاهر والسلوكيَّات العامَّة والخاصَّة. ولتبليغ الدين وأداء العزاء الحسينيِّ أيضًا لياقات ملائمة مع ما يتضمَّنه فيه من الحديث عن الحقِّ وأئمِّة الهدى وما يُراد به من الإرشاد والتذكرة.

وذلك بملاحظة ما يقتضيه الوقار والابتعاد عن المشاحَّة في طلب المال، وتجنُّب ما يوجب سوء الظنِّ ويخدش بنقاء الصورة ويؤشِّر على الطمع، ومراعاة العفاف عن أيِّ مأرب دنيويِّ من وراء أداء هذه الوظيفة.

وليتجنَّب المبلِّغون -وكذلك أصحاب المجالس والمواكب- من المناقضة والمنافرة والتفرُّق والاختلاف، ولا سيَّما في بلاد المهجر، فإنَّ ذلك يخدش بالإخلاص ويحبط الأجر ويوجب سوء الظنِّ بين المؤمنين ويؤدِّي إلى تعطُّل المشاريع التي يتوقّف إنجازها على التعاون والتكاتف، ومَن استطاع أن يجعل عمله وإعانته أشبه بصدقة السرِّ من دون طلب رئاسة أو شهرة أو جاه فليفعل، فإنَّ ذلك خير له وأكثر بركة، وقد قال الله سبحانه: }إن تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِّن سَيِّئَاتِكُمْ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ{ (البقرة: 271)، ومَن يتَّق اللهَ سبحانه يرزقه من حيث لا يحتسب ويجعل له من أمره يُسرًا.

وليتجنَّب المبلِّغ ما لا يليق بقداسة مجالس الله سبحانه ورسوله وأوصيائه (صلوات الله عليهم) من أساليب وأطوار، فإنَّ طبيعة الموضوع تملي على المتحدِّث عنه أساليب أدائيَّة مناسبة، فإذا نقضها المتكلِّم انتقض غرضه واختلفت هويَّة القول عمَّا يُفترض به، بل ربَّما كان إساءةً وهتكًا.

 

(من وصايا المرجعية الدينية العليا للخطباء والمبلّغين والشعراء والرواديد بمناسبة حلول شهر المحرّم الحرام عام 1441هـ)

 

__________________________________________
نشرة الكفيل/نشرة أُسبوعيةٌ ثقافيةٌ (مجانية)، تتناولُ المعارفَ القُرآنيةَ، والعقائديةَ، والفِقهيةَ، والتاريخيةَ، والأخلاقيةَ، والتربويةَ، والاجتماعيةَ، والصحيةَ بأُسلوبٍ مبسّطٍ ومختصرٍ، تصدر عن العتبة العباسية المقدسة/ العدد 1034.

 

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا