وانتُهكت حُرمةُ الإسلام
2025/07/08
24

ما إنْ تكتحلُ نواظرُنا بتلك القُبّةِ المنيفة، حتى تقتحمَ هيبةُ المزورِ قلوبَنا اقتحاماً، فتتسارعُ نبضاتُها حُبًّا وإجلالاً تارةً، وألَماً وجَزعاً أُخرى؛ لما أصابَه من عينٍ قد نبتْ فيها السهم، ورأسٍ قد أثّرَ فيه العمود، وكفّينِ قد قُطِعتا لا لذنبٍ اقترفتاه سوى الدفاع عن دينِ الله تعالى، وإمامِ الزمان (عليه السلام)، وحُرَمِ رسولِ الله (صلى الله عليه وآله)!

نُبادِرُ إلى قراءةِ الزيارةِ مُبادرةَ الظمآنِ إلى الماء، فنرتوي بمضامينِها العاليةِ التي تُشيرُ إلى مقاماتٍ أثيلةٍ قد أثبتَها عِدلُ القرآنِ الإمامُ الصادقُ (عليه السلام) بسندٍ صحيحٍ..

انتهاك حُرمةُ الإسلام:

الإسلامُ: هو الدينُ الذي جاءَ به جميعُ الأنبياء (عليهم السلام)، وإن اختلفتْ شرائعُهم، بل هو وحدَه الدينُ المرضيّ عندَه تعالى؛ إذ قال: ﴿إنَّ الدِّينَ عِندَ اللهِ الإسلامُ﴾ (آل عمران: 19).

وأمّا حُرمةُ الإسلامِ فيُمكِنُ تقريبُ معناها بالمعنى العرفي؛ فمن المعلومِ مثلاً أنَّ هناك مساحةً مُعتدًّا بها تُحيطُ بقصرِ الملكِ عادةً، يُعبَّرُ عنها بـ(الحرم)، استمدّتْ حُرمتَها من مُلاصقتها المُباشرةِ للقصرِ، يلتزمُ الجميعُ فيها بما تُمليه عليهم الأنظمةُ الملكية، وتُعدُّ مُخالفتُها انتهاكاً للحرم الملكي، يُعرِّضُ فاعلَه إلى عقوبةٍ شديدة.

فإذا تصوّرْنا ما تقدّمَ من معنى لفهمِ حُرمةِ الإسلام، فبلا ريبٍ تكونُ حُرمتُه أقدسَ وأعلى بمراتبَ -لقُدسيّةِ الإسلامِ نفسِه-، ويكونُ انتهاكُها جُرماً عظيماً، ومن ثَمّ لا يُمكِنُ أنْ تُنتهَكَ بقتل أيّ مسلمٍ، وإنّما هي تنتهك بقتل مَن له في الإسلام منزلة رفيعة، بحيث يُعد التعدي عليه تعدياً على الإسلام نفسه؛ كالمعصوم، وتالي تلو المعصوم...

وأبو الفضل العباس (عليه السلام) يُعد تالي تلو المعصوم.. ولذا انتُهِكتْ بقتلِه حُرمةُ الإسلام.

وقد مثّلَ دينَ الإسلامِ نفسَه يومَ الطفِّ الإمامُ الحسين (عليه السلام)؛ لأنّه حقيقتُه وجوهرُه وأصلُه، ومن هُنا يُمكِنُنا أنْ نفهمَ لِمَ كانَ قتلُ أبي الفضل (عليه السلام) دون غيره هو الذي مهَّدَ لوصولِ الأعداءِ إلى الإمامِ الحسين (عليه السلام) ثم قتله؟ ولِمَ كانَ صاحبَ لوائه؟ ولِمَ قرنَ بمُضيّه تفرُّقَ عسكرِه؟ إذ إنّه حَرمَه، ولا يُمكِنُ للأعداءِ الوصولُ إليه إلا بعدَ انتهاكِ حرمه!

كثيرةٌ هي مقاماتُك الجليلةُ ومراتبُك العظيمةُ سيّدي ومولاي أبا الفضل، ولو لم يكنْ إلا هذا المقام لكفى، فسلامٌ عليكَ سيّدي ومولاي يومَ وُلِدتَ، ويومَ استُشهِدتَ فانتُهِكتْ بقتلِكَ حُرمةُ الإسلام، ويومَ تُبعَثُ حيًّا.

 

  • ولاء العبادي
__________________________________________
نشرة الكفيل/نشرة أُسبوعيةٌ ثقافيةٌ (مجانية)، تتناولُ المعارفَ القُرآنيةَ، والعقائديةَ، والفِقهيةَ، والتاريخيةَ، والأخلاقيةَ، والتربويةَ، والاجتماعيةَ، والصحيةَ بأُسلوبٍ مبسّطٍ ومختصرٍ، تصدر عن العتبة العباسية المقدسة/ العدد 1028.
تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا