التربية الكربلائية رسالة تجديد للعالم
2025/07/07
43

إنّ التربية ليست مجرد نقل للمعرفة أو تأصيل للأخلاق، بل هي عملية بناء حضاري يشكل الوعي ويوجه السلوك نحو أهداف سامية، وفي سياق البحث عن نموذج تربوي متكامل، تبرز (التربية الكربلائية) بوصفها نموذجاً يحمل في طياته معاني التجديد والنهضة، إذ تتجلّى في كربلاء القيم العظمى التي يحتاجها العالم اليوم لمواجهة الأزمات الأخلاقية والاجتماعية.

والتربية الكربلائية ليست مجرد سرد تاريخي لمأساة أو تضحية، بل هي منهج حياة يستمد من مدرسة الإمام الحسين (عليه السلام) مبادئه التربوية التي تواكب تطورات الزمن، وتقدم حلولاً جذرية للتحديات المعاصرة.

ففي عالم تسوده المادية وتسير فيه القيم نحو الانحدار، يأتي النموذج الكربلائي ليؤكد على أهمية غرس القيم المعنوية: العزة والحرية والود والاحترام في نفوس الأفراد والمجتمعات.

وإنّ العالم الحديث يعاني من تراجع في المفاهيم الأخلاقية نتيجة التأثيرات السلبية للتكنولوجيا والعولمة غير المنضبطة، مما يستدعي نموذجاً تربوياً يُعيد للإنسان إنسانيته، ويربط العلم بالأخلاق، والمبدأ بالموقف.. وهنا تقدّم كربلاء رسالة متجددة: تربية تستند إلى الوعي بدلاً من التلقين، وإلى الإيمان بالحق بدلاً من الخضوع للأمر الواقع.

فالتربية الكربلائية تعلّم الإنسان كيف يكون حراً في فكره، مسؤولاً في أفعاله، ثائراً ضد الظلم، ثابتاً على القيم، مستعداً للبذل والتضحية من أجل المبادئ.

إنّها تربية تنمّي الوعي الاجتماعي، وتعزّز مبدأ التضامن بين الأفراد، وترسِّخ مفهوم القيادة القائمة على التضحية والخدمة لا على الاستبداد والتسلُّط، وإنّنا بحاجة إلى واقع التربية الكربلائية في مؤسساتنا التعليمية، لننشئ أجيالاً قادرة على مواجهة التحديات لا بالانسحاب والانقياد، بل بالوعي والحكمة والثبات، وكما شكّلت كربلاء نقطة تحول في التاريخ، فإنّها قادرة اليوم على إحداث تحول في المنظومة التربوية العالمية، لتعيد للعالم إنسانيته، ولتصبح القيم الكبرى التي جسدها الإمام الحسين (عليه السلام) أساساً في بناء الإنسان والمجتمع.

 

  • الشيخ حسين التميمي

 

__________________________________________
نشرة الخميس/نشرة أُسبوعيةٌ ثقافيةٌ (مجانية)، تتناولُ المعارفَ القُرآنيةَ، والعقائديةَ، والفِقهيةَ، والتاريخيةَ، والأخلاقيةَ، والتربويةَ، والاجتماعيةَ، والصحيةَ بأُسلوبٍ مبسّطٍ ومختصرٍ، تصدر عن العتبة العباسية المقدسة/ العدد 1043.
تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا