لا تتعلّق بهاتفك وتهمل طفلك!
2025/05/28
121

إنّ الأب منشغل بهاتفه، وكذلك الأم، والأطفال يراقبون! لا يحتاج الأمر إلى كثير من التحليل، فالأطفال يتعلمون بالملاحظة، حين يرى الطفل أنّ الهاتف هو محور حياة والديه، فمن الطبيعي أنّه يصبح محور حياته أيضاً، فكيف نطالبه بالابتعاد عنه ونحن أول من يغرق فيه؟ كيف نقنعه أنّ اللعب في الخارج، والحديث مع العائلة، والتأمل في الحياة أمورٌ جميلة، في حين أنّه لم يسبق له أن رآنا نفعل ذلك؟!

والتعلّق ليس خطأ الصغار وحدهم، بل هو سلوك انعكاسي لما يراه الطفل يومياً، حين ينظر في عيون والديه فلا يجدها، بل يجد شاشة مضيئة تأخذ اهتمامهم أكثر منه، فالعلاقة بين الهاتف والطفل تبدأ من الكبار! لذلك سيبحث عن شاشة تشبهها ليجد فيها اهتماماً بديلاً، فإذا أردته أن يتركه، فابتعد أنت أولاً.

وعندما تتحدث مع طفلك، لا تضع الهاتف بجانبك أو تحمله بيدك، وتنظر إليه بين الحين والآخر في أثناء الكلام معه، ولا تجعله وسيطاً في تفاعلك معه، ولا تقل له: (لحظة، دعني أرد على هذه الرسالة)؛ لأنّه سيفهم أن الرسالة أهم منه، ولا تسأله عن يومه وعيناك في الشاشة؛ لأنّه سيفهم أنّك لا تهتم حقّاً، ولا توجّهه بقولك: (اترك الهاتف)! في حين أنّ هاتفك لا يفارقك؛ لأنّه سيفهم أنّك تطلب منه ما لا تفعله.

الطفل لا يحتاج إلى نصائح بقدر ما يحتاج إلى قدوة، فلا يكفي أن تقول له: (الكتب مفيدة)، بل اجعله يراك تقرأ، ولا تقل له: (التواصل الحقيقي أجمل)، بل اجعله يعيش هذا التواصل معك، ولا تمنعه من الهاتف فقط، بل امنحه بديلاً ممتعاً ومفيداً.. اجلس معه، العب معه، استمع إليه، دع حديثه يكتمل دون أن تقاطعه برسالة أو إشعار.

التكنولوجيا ليست عدواً، والهاتف ليس خطيئة، لكنه وسيلة، وطريقة الاستخدام هي ما تجعلنا أسرى له أو أحراراً منه، إن أردت لطفلك ألّا يتعلق به، فتأكد ألّا يراك متعلقاً به، اجعل التواصل معه مباشراً، دافئاً، بلا وسائط، لا تجعله (أي: الهاتف) حاضراً في كلِّ لقاء، ولا تستخدمه أداة تشغل بها وقتك أمامه.

الطفل مرآة للكبار، وما نفعله أمامه هو ما سيفعله هو لاحقاً، لا تكرر على مسامعه أنّه يجب أن يقلل من الهاتف، بل دعه يرى كيف تعيش حياة متوازنة من دونه، التغيير لا يبدأ منه، بل يبدأ منك.

 

  • الشيخ حسين التميمي

 

__________________________________________
نشرة الخميس/نشرة أُسبوعيةٌ ثقافيةٌ (مجانية)، تتناولُ المعارفَ القُرآنيةَ، والعقائديةَ، والفِقهيةَ، والتاريخيةَ، والأخلاقيةَ، والتربويةَ، والاجتماعيةَ، والصحيةَ بأُسلوبٍ مبسّطٍ ومختصرٍ، تصدر عن العتبة العباسية المقدسة/ العدد 1037.
تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا