سجلت سيرة ائمة اهل البيت عليهم
السلام، ازكى صور المقاومة التي جابهت السلطات الحاكمة وكابدت
الكثير من الويلات التي شكلت سجلا كاملا من الحزن والالم ومنها ما
يوجع القلب كلما تمر ذكر ى مصاب تستحضرنا حادثة حرق دار الامام جعفر
الصادق عليه السلام هذه الحادثة التي لم تكن سوى جزء من سلسلة
الاضطهاد المتواصلة التي بدأت من عهد رسول الله عليه السلام واستمرت
لتشمل كل من حمل لواء العلم والهداية،
ترتبط هذه الجريمة بجرائم مماثلة
تكشف عن عقلية السلطة العباسية، وعن جهاد الامام عليه السلام
ومعاناته في سبيل العلم والهداية
:ـ لماذا الباب ؟
:ـ ولماذا التركيز دائما على
الابواب؟
:ـ لانهم يريدون زعزعة الامان
عن اهل البيت وبيت الامام عليه السلام كان رمزا من رموز العلم
والهداية ؛منارة الفكر القويم، تخرج منه علماء اثروا الامة
الاسلامية بمختلف العلوم ،لهذا شكل تحديا كبيرا السلطة العباسية
التي رأت في هذا الفكر تهديدا لسلطتها القائمة على القمع
والاستبداد،
عندما أمر المنصور العباسي بحرق دار
الإمام، لم يكن الهدف مجرد إلحاق الأذى الجسدي، بل كان رسالة واضحة
لكل من يتبع نهج الإمام أو يسير على خطاه. وكما حرقت دار فاطمة
الزهراء (عليها السلام) في بداية الإسلام، فإن حرق دار الإمام
الصادق (عليه السلام) يعكس استمرار منهجية قمعية تستهدف إخماد أي
صوت يمثل المقاومة الفكرية والمبدئية.
يعيد للأذهان حادثة حرق دار الزهراء
(عليها السلام)، وبينهما قاسم مشترك يتمثل في مقاومة الانحراف الذي
أصاب الأمة بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله)، كلا الحريقين كانا
تعبيراً عن رفض السلطة لرمزية هذه الدور التي تمثل صوت الحق والثبات
على المبادئ.
في كلا الحالتين، لجأت السلطة إلى
منطق القوة والنار لإسكات صوت الإصلاح، وكأن العلم يُقابل بالنار،
والمعرفة تُواجه بالإبادة، إلا أن رمزية تلك الحوادث ظلت حية في
وجدان الأمة، شاهدة على عمق الظلم الذي لحق بأهل البيت (عليهم
السلام).
:ـه هل شارك المجتمع في الجريمة
؟
جريمة حرق دار الإمام الصادق (عليه
السلام) تعكس عداء السلطة، و تهاون المجتمع وتخليه عن مسؤولياته
تجاه أهل البيت (عليهم السلام) ، نفس المجتمع الذي أحرق خيام الحسين
(عليه السلام) في كربلاء هو ذاته الذي سمح بحرق بيت الإمام الصادق
(عليه السلام).
هذا التهاون يعكس حالة الانحراف
التي تفاقمت منذ السقيفة، إذ أصبحت السلطة تستخدم القوة والبطش
لإرهاب المجتمع وإسكاته عن نصرة الحق.
:ـ والنتيجة ؟
:ـ لم تكتفِ السلطة العباسية بحرق
دار الإمام سلام الله عليه، بل استمرت في مضايقته ومحاولة قتله
مراراً ، وعندما لم تفلح أساليبها الأخرى، لجأت إلى دسّ السم
إليه.
، عانى الإمام الصادق (عليه السلام)
في أيامه الأخيرة من آلام شديدة بسبب السم، لكنه لم يتخل عن دوره في
توجيه الأمة ، أوصى أهل بيته بالثبات على القيم الإسلامية، وحذرهم
من الانحراف عن طريق الحق.
في الخامس والعشرين من شوال عام
148هـ، ارتقت روح الإمام الصادق (عليه السلام) إلى بارئها، تاركةً
وراءها إرثاً علمياً هائلاً وشاهداً حيا على ظلم السلطة
العباسية.
:ـ مراسيم
التشييع؟
:ـ رغم بطش السلطة، خرج الناس
لتشييع الإمام الصادق (عليه السلام) في جنازة مهيبة ، حملوه على
أطراف الأنامل ودفنوه في مقبرة البقيع بجوار جده الإمام زين
العابدين وأبيه الإمام محمد الباقر (عليهما السلام).
هذا المشهد يعكس مكانة الإمام
الصادق (عليه السلام) في قلوب الناس، وامتنانهم لما قدمه من علم
وهداية رغم محاولات السلطة طمس أثره.
وجريمة حرق دار الإمام الصادق (عليه
السلام) واساليب القتل المؤلمة ليست مجرد أحداث تاريخية، بل هي دروس
تتكرر عبر الزمن ، تُظهر هذه الحوادث أن صوت الحق قد يُحرق جسداً،
لكنه لا يُمحى فكراً.
سيظل الإمام الصادق (عليه السلام)
رمزاً للعلم والمقاومة الفكرية، وحياته تذكرنا بأن مواجهة الظلم
تبدأ بالكلمة، وأن ثباتنا على المبادئ هو ما يخلّد قيمنا في وجه
الطغاة
أفياء الحسيني
مواقع التواصل ودورها في تفكيك المجتمع