أنّ الاستغفار في الأسحار من أهم العبادات التي أكد عليها القرآن الكريم والسنة النبوية وأهل البيت (عليهم السلام)، كما في قوله تعالى: ﴿وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾ (الذاريات: 18)، مما يدل على أهمية هذا الوقت المبارك في طلب المغفرة والرحمة من الله تعالى.

وقد ورد عن أهل البيت (عليهم السلام) تأكيد كبير على ضرورة الإكثار من الاستغفار في الأسحار؛ لما له من آثار عظيمة على النفس والقلب، فقد شدد الإمام أمير المؤمنين علي (عليه السلام) على أهمية الاستغفار بما روي عنه قوله: «عجبت لمن يقنط ومعه الاستغفار» (نهج البلاغة: ٤/ ١٩)، وهذا يشير إلى أنّ الاستغفار طريق للنجاة من الذنوب والهموم.

كما روي عن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) قوله لأبي بصير عندما سأله عن «المستغفرين بالأسحار؟ فقال (عليه السلام): «استغفر رسول الله (صلى الله عليه وآله) في وتره سبعين مرة» (تهذيب الأحكام: 2/130)، وهو ما يدل على فضل الاستغفار في هذا الوقت تحديداً.

وأمّا الإمام زين العابدين (عليه السلام) فقد عُرف عنه بكثرة تضرعه وبكائه في الأسحار، ومن أدعيته المشهورة في الصحيفة السجَّادية قوله: «اللّهُمَّ إنِّي أستغفرُكَ مما تُبتُ إليكَ منهُ ثمَّ عُدْتُ فيهِ، وأستغفرُكَ لِـما أردتُ بهِ وجهَكَ فخالَطَني فيه ما ليسَ لَكَ...» (الصحيفة السجَّادية: ١٧٧)، ويدلُّ ذلك على أنّ الاستغفار ليس مجرد كلمات تُقال، بل هو حالة معنوية وروحية يعيشها الإنسان بتذلل وخضوع بين يدي الله تعالى.

وللاستغفار في الأسحار فوائد عظيمة، فهو سببٌ لمغفرة الذنوب، ووسيلةٌ لاستجابة الدعاء، ودليلٌ على التقوى والعبودية الخالصة، وكما أنَّ أهل البيت (عليهم السلام) أوصوا به بجعله جزءاً من البرنامج العبادي اليومي للمؤمن، لأنّه وسيلة لتطهير القلب والتقرب إلى الله.

فمن أراد أن يكون من أهل الرحمة الإلهية فعليه أن يحرص على الاستغفار في الأسحار، مستلهماً ذلك من تعاليم أهل البيت (عليهم السلام) وسيرتهم العطرة.

• الشيخ حسين التميمي