إنّ في زمن أصبحت فيه التكنولوجيا جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية، برزت مواقع التواصل الاجتماعي بوصفها أدوات رئيسة للتفاعل والتواصل بين الأفراد.
ومع الفوائد التي لا يمكن إنكارها لمواقع التواصل الاجتماعي، إلّا أنّ تأثيرها السلبي على النسيج الاجتماعي أصبح واضحاً، فبدلاً من أن تكون جسراً يعزز العلاقات، تحولت -في كثير من الحالات- إلى أداة تُفكك الروابط وتُعمِّق الفجوات بين الأفراد!
هذه المنصات التي بدأت بهدف تسهيل الاتصال وجمع الناس، تحولت تدريجياً إلى ساحات تسهم في تفكيك البنية الاجتماعية بطرق قد لا تكون واضحةٍ للوهلة الأولى.
ففي الظاهر، تتيح مواقع التواصل فرصاً غير محدودة للتواصل وتبادل الأفكار بين الأفراد من مختلف أنحاء العالم، مما يخلق انطباعاً أنّها تعزز الروابط الاجتماعية وتفتح آفاقاً جديدة للتفاعل، ومع ذلك فإنّ هذا التواصل الرقمي -مع سرعته وانتشاره- غالباً ما يكون سطحياً ويفتقر إلى العمق الذي يتطلبه بناء علاقات اجتماعية حقيقية.
وأحد أبرز مظاهر هذا التفكك يتمثل في العزلة الاجتماعية التي تصيب الأفراد مع كثرة وجودهم على هذه المنصات، فبدلاً من تعزيز العلاقات الواقعية، قد يتحول الأفراد إلى أسرى للشاشات، يبتعدون عن التفاعل المباشر مع أسرهم وأصدقائهم، مما يؤدي إلى فقدان الروابط الإنسانية الحقيقية.
ومع ذلك، تعزز مواقع التواصل الاجتماعي ظاهرة "فقاعات المعلومات"، إذ يميل الأفراد إلى متابعة المحتوى الذي يتفق مع آرائهم فقط، ما يؤدي إلى الانغلاق الفكري وتضييق مساحة الحوار البنّاء مع الآخرين، هذه الظاهرة تسهم بشكل غير مباشر في تقسيم المجتمع إلى جماعات مغلقة تتبنى أفكاراً محددة وتُقصي الرأي الآخر.
ومن جهة أخرى، أسهمت هذه المنصات في تفشي الإشاعات والمعلومات المضللة، مما زاد من حدة الانقسامات الاجتماعية والسياسية في كثير من الدول، ومع غياب الرقابة الفعالة على المحتوى، أصبح من السهل نشر الأفكار السلبية وتعزيز خطاب الكراهية، الأمر الذي يُعمّق الشرخ بين مختلف فئات المجتمع.
والحل يكمن في تحقيق توازن بين استخدام هذه المنصات وتعزيز التواصل الواقعي المبني على القيم الإنسانية الحقيقية.
مواقع التواصل ودورها في تفكيك المجتمع