الإعلامية الصديقة الصادقة السيدة
فاطمة الزهراء (عليها السلام)
سمانة عزيز عبد الحسن
الساعدي
لقد أولى الإسلام المرأة الكثير من
الاحترام، لما عانته في الجاهلية من وأد للبنات والتقليل من مكانتها
الاجتماعية. فكان له الدور البارز في إطلاقها من الأسر وإعطائها
الاستقلال في الإرادة والعمل، حيث شرّع لها العديد من الأحكام
التكليفية والوضعية التي تساوت فيها مع الرجل.
واليوم، تتعرض المرأة للظلم
الاجتماعي، فعليها أن لا تسكت أو تتنازل أو تستسلم للهزيمة. فالسيدة
فاطمة الزهراء (عليها السلام) تحدت في الماضي ووقفت في وجه الانحراف
والظلم، فهي القدوة التي طالبت بحقها لا طمعاً وإنما لكونه حقاً لا
يمكن السكوت عنه.
رسمت (عليها السلام) للمجتمع النسوي
نموذجاً للدور الذي يجب أن تقوم به المرأة في الأوقات العصيبة التي
تعصف بالأمة والوطن. وقد مارست سيدة المحجبات والمخدرات، فاطمة
الزهراء (عليها السلام)، دورها الاجتماعي والإعلامي بأعلى
المستويات، عندما اقتضت الضرورة القصوى أن تتصدى للطغاة بإلقاء
الحجج وإظهار البراهين. فكانت بمثابة السيف في وجه الظالم دفاعاً عن
إمام زمانها وبيان حق الولاية الربانية له.
المواقف الإعلامية للسيدة فاطمة
الزهراء (عليها السلام):
نالت السيدة فاطمة الزهراء (عليها
السلام) دوراً متميزاً في التاريخ الإسلامي والإنساني، إذ تجلى ذلك
في شخصيتها من خلال أقوالها وسلوكياتها. فهي (سلام الله عليها)
النموذج المتكامل للمرأة الرسالية الإعلامية. فرغم حرصها الشديد على
العفة والحجاب، لم تبخل بأي لحظة من حياتها القصيرة من أجل خدمة
الإسلام. ومن مواقفها الإعلامية:
1. دورها في الاحتجاج على المسار
المنحرف:
بعد رحيل والدها، قامت (عليها
السلام) بالطواف على بيوت المسلمين لتذكرهم بما جرى في حجة الوداع.
وكان أمير المؤمنين الإمام علي (عليه السلام) يشد أزرها. فما وهنت
في الدفاع عن حقها حتى رحيلها. روى ابن قتيبة: “أن عليّاً (عليه
السلام) خرج بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله) يحمل فاطمة بنت
رسول الله (صلى الله عليه وآله) على دابةٍ ليلاً في مجالس الأنصار
تسألهم النصرة…”
2. رفضها الإساءة
للمبادئ:
بعد وفاة أبيها، رفضت (سلام الله
عليها) الإساءة إلى المبادئ التي قامت عليها دولة النبوة، وألقت
خطبتها الفدكية في المسجد النبوي دفاعاً عن إمام زمانها، الإمام علي
(عليه السلام).
3. تصديها
للخذلان:
عندما اشتد مرضها، بادرت نساء
المهاجرين والأنصار لزيارتها، فعبّرت عن سخطها على أزواجهن
لخُذلانهم عترة الرسول (صلى الله عليه وآله)، وأظهرت امتعاضها
لزحزحة أمر الخلافة عن بيت مهبط الوحي.
استمرت السيدة فاطمة الزهراء (عليها
السلام) بمواقفها الإعلامية في نصرة إمامة أمير المؤمنين الإمام علي
(عليه السلام) وترسيخ مبدأ الولاية حتى استُشهدت. ورغم الظلم الذي
تحملته، ازداد أبناؤها وموالوها إصراراً على مواصلة المسيرة
الرسالية في الدفاع عن الحق المبين.
الخاتمة:
السيدة فاطمة الزهراء (عليها
السلام) ليست بيننا، لكن آفاق حياتها الرحبة وأفكارها وسيرتها
العطرة لا تزال نافذة في أعماق النفوس والقلوب. حريّ بنا أن نقتدي
بها ونسير على خطاها المباركة. فالمرأة الإعلامية اليوم لها دور مهم
في التأثير على المجتمع، خاصة في ظل التحديات الراهنة، من خلال
تقديم حلول علمية لمشاكل الإعلام، ضمن إطار الشرع المقدس، لمواجهة
الإعلام المضاد الذي يسعى لإخراج المرأة عن الإطار الأخلاقي
الملتزم.
وعليه، من الضروري:
1. نشر ثقافة
الحجاب:
مسؤولية الفرد، خصوصاً من له دور
وظيفي في بناء المجتمع، إلى جانب الأسرة ومؤسسات المجتمع المدني.
كما أنها مسؤولية الدولة إذا كانت تعمل وفق التشريع الإسلامي، فهي
المعني الأول بالجانب الثقافي.
2. تقديم نماذج مشرقة في
الإسلام:
مثل السيدة فاطمة الزهراء (عليها
السلام)، السيدة خديجة (عليها السلام)، والسيدة زينب (عليها
السلام)، والتركيز عليهن كقدوات حقيقية بدلاً من النماذج الزائفة
التي تعكس ثقافة التبرج. يبدأ ذلك بالمرأة المسلمة داخل أسرتها
وخارجها، وأول الواجبات هو الالتزام بالستر الشرعي الحقيقي، بعيداً
عن الحجاب المحرّف الذي يبرز مفاتن الجسد.
3. خلق بيئة متوافقة مع النماذج
المشرفة:
حيث تتجسد فيها المرأة المسلمة
المثقفة، المتعلمة، العاملة، والفاعلة في مجالات الحياة (كالبيت،
المدرسة، الجامعة، المصنع…)، وهي ترتدي الحجاب الشرعي الذي لا
يمنعها من القيام بدور إيجابي وفاعل في المجتمع، ولا يعيق تأثيرها
في ميادين العلم، الإنتاج، والمجالات الاجتماعية الأخرى.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مقالات مسابقة اقلام على خطى الزهراء (عليها السلام) التي اطلقها
مركز الثقافة الاسرية التابع للعتبة العباسية المقدسة.
أُم البنين (عليها السلام) ونصرة إمام زمانها