أنواع الفقر
2020/08/25
5372

لعل الكثير منا يسمع بالفقر وبعضنا يعيش الفقر ولكن قد نجهل ان هناك انواع للفقر ومفهوم الفقر  ونتساءل كيف نميز بين انواع الفقر وهل الفقر فيه ممدوح ومذموم ويجيبنا الامام الصادق ع في حديث له إذ يقول:  الفَقرُ مَعَنا خَيرٌ من‏ الغِنى مع غَيرِنا، والقَتلُ مَعَنا خَيرٌ من الحَياةِ مَع غَيرِنا.
ونتساءل أيضاً متى يكون الفقر ممدوحاً ومتى مذموم وايضا نجد الجواب عند الإمام الصادق إذ يقول في حديث له (عليه السلام): " يَحجُزُكَ عنِ الظُّلمِ خَيرٌ مِن فَقرٍ يَحمِلُكَ علَى الإثمِ". 

ويتبادر في أذهاننا تساؤل آخر ما المقصود بالفقر الذي يذمه أهل البيت (ع)؟ 

يبين لنا ذلك ويجيبنا على سؤالنا الإمام الصادق (ع) فيقول في حديث له: "الفَقرُ المَوتُ الأحـمَرُ، قالَ الراوي: فـقلـتُ لأبي عبدِ اللّه‏ِ (عَلَيهِ الّسَلامُ) : الفَقرُ مِن الدِّينارِ والدِّرهَمِ؟ فقالَ: لا، ولكن مِن الدِّينِ". 

بعد أن طرحنا بعض التساؤلات التي ممكن أن تدور بذهن أي شخص منا واستخرجنا إجاباتها من أحاديث الأئمة ع والآن  نتحدث بشكل أوسع حول موضوع الفقر وأنواع الفقر.

إن الفقير بمعناه الدنيوي، هو الذي نراه لا يملك قوت سنته.. فطبيعة الناس الساهية اللاهية؛ تجعلهم يقيسون الناس بأموالهم، لذا فإن الغني هو الذي يقدر ويحترم عندهم.. وليعلم الأغنياء أن هذا التقدير ليس لذواتهم؛ إنما لما في البنوك من الأموال.. إذن، بنظر هؤلاء هو ليست له قيمة، إنما القيمة لرصيده، ولمتجره؛ ولهذا فإن الإنسان الذي يفلس لا يزوره أحد، ولا يرد على سلامه أحد، بل يشمت به!.. وعليه، فإن الغنى والفقر دنيويان، وهي قضية نسبية تزول وتمحو، يقول تعالى في كتابه الكريم: ﴿قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾.  

 ولكن هناك نظرة مغايرة لهذه النظرة وهي .. ليس كل فقير ذليلاً، لأن الفقر زائد الإيمان - في بعض الحالات- يوجب العز.. فالفقير المؤمن عزيز في نفسه وورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام): (الصّبر على الفقر مع العزّ؛ أجمل من الغنى مع الذّلّ)!.. فالفقير المؤمن عزيز، والغني المتكبر إنسان ذليل في نفسه؛ لأن تكبره ينشأ من ذلة في نفسه.

إن من يستذل مؤمناً أو مؤمنة أو يحقره لفقره، أو لقلة ذات يده في الدنيا؛ فإن عقوبته يوم القيامة تكون متناسبة مع عمله في الدنيا!.. روي عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: (إنّ المتكبرين يُجعلون في صور الذرّ، فيطأهم الناس حتى يفرغوا من الحساب).

 والذي يحقر الفقير لفقره، يكون جزاؤه يوم القيامة الاحتقار والفضيحة، لأنه في الدنيا فضح المؤمن وشهره واحتقره؛ لذا رب العالمين يحتقره يوم القيامة.. وشتان ما بين احتقار إنسان فانٍ لإنسان، وبين احتقار رب العالمين للإنسان، روي عن النبي(ص وآله) أنه قال: (من استذلّ مؤمناً، أو حقّره: لفقره، وقلّة ذات يده؛ شهره الله يوم القيامة، ثمّ يفضحه).
  إن الإنسان الذي يسلم على الغني بسلام أكثر حرارة من الفقير، يكون قد وقع في فخ الشيطان.. لذا تعمداً الإنسان يراعي نفسه، فإذا رأى غنياً وفقيراً فليسلم عليهما بلحن واحد؛ لئلا يسقط من عين الله عز وجل، قال الامام الرضا (عليه السلام): (من لقي فقيراً مسلماً فسلّم عليه خلاف سلامه على الغني؛ لقي الله عز وجل يوم القيامة وهو عليه غضبان).. رب العالمين يغضب عليه رغم أنه ما أهان الفقير، ولكنه سلم على الغني بحرارة أكثر من الفقير!.

إن النبي الأعظم (ص وآله) والأئمة الأطهار (عليهم السلام) غيروا الموازين لدينا، فقد روي عن الإمام علي (عليه السلام) أنه قال: (أكبر البلاء فقر النفس)!.. أي قد يملك الإنسان الملايين ولكن نفسه فقيرة، فلا فقر كفقر القلب؛ كأن يذهب إنسان إلى الحج ثم يرجع دون أن يستفيد شيئاً: ففي يوم عرفة غلب عليه النوم إلى الغروب، وفي الطواف لم يفهم شيئاً، وفي البقيع لم يبكِ على مصائب أهل البيت (عليهم السلام)؛ هذا هو الفقير حقاً!.. لذا، فإن المؤمن يسأل الله عز وجل أن يجعله من الأغنياء خاصة بعد الموت، حيث أن الكثير من الناس في الحياة الدنيا لهم ما لهم، ولكن في عالم البرزخ هم من أفقر الناس، ولو شاؤوا لاستثمروا ما عندهم لغنى ذلك العالم الموحش!

 

 

 

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: برنامج منار السبيل- الحلقة الرابعة-الدورة البرامجية57.

 

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا