لغة الضاد
2024/05/05
134

لقد سميت اللغة العربية بعدة أسماء أولها اللغة العربية الفصحى وقد سُميت بهذا الاسم نسبة إلى من يتكلمون بها وهم العرب، والعرب هم من كان من ولد نبي الله إسماعيل عليه السلام، ويقال لكونهم منسوبين إلى (يَـعْـرُب) وهو اسم جد عربي قديم، ويقال إنه ابن قحطان، وانقسم القول في نسب قحطان إلى أقوال عدة، منهم من قال إنه من ولد إسماعيل (عليه السلام) ومنه من قال إنه من ولد هود (عليه السلام). كما سميت بـ «لغة القرآن» لأن القرآن الكريم نزل باللغة العربية.
كما يوجد اسم جميل ومميز لهذه اللغة وهو «لغة الضاد» وهو الاسم الذي يُطلقه العرب على لغتهم، فالضاد حرف يختص به العرب، ولا يوجد في كلام العجم إلا في القليل.

ومنه قول أَبي الطيب المتنبي: 
وبِهِمْ فَخرُ كلِّ مَنْ نَطَقَ الضَّادَ وعَوْذُ الجاني وغَوْثُ الطَّريدِ
حيث ذهب به إلى أن حرف الضاد هو للعرب خاصة. 

سؤال موجّه لأستاذة باللغة العربية: (برأيكِ ضيفتي، ما الطريقة الصحيحة للتعمق في معرفة اللغة العربية، إذ لا يخفى على أحد أنها بحور وأوزان وآداب؟).
ومن الجدير بالذكر أن الضاد المقصودة هنا ليست الضاد المعروفة والمستخدمة اليوم في دول مثل جمهورية مصر العربية، وهي دال مفخمة، وهي التي لا تُستحسن قراءة القرآن أو الشعر العربي بها، أما الضاد العربية القديمة فهي صوتٌ آخر مزيجٌ بين الظاء واللام، واندمج هذا الصوت مع الظاء في الجزيرة العربية، بل هي في الواقع موجودة في لغات كثيرة، وهي ليست الضاد الأصلية التي كان يعنيها المتنبي وابن منظور صاحب لسان العرب وغيرهما.

فقرتنا التالية سنتكلم بها عن (اللفظ الغريب في القرآن الكريم) وردت جملة من الكلمات الغريبة في القرآن الكريم، وعلى الرغم من أنها كلمات عربية إلا انها كلمات غريبة، ومن هذه الكلمات "سامدون"، "مثبورا" وكلمة "ضيزى" ووجه غرابتها أنها لا تفصح عن معناها، وإذا كان القرآن الكريم يتسم بالإعجاز، فلا شك أن غريب ألفاظه قد نال جزءًا من صفة إعجازه، ومن المعلوم أن مجموع الألفاظ الغريبة في القرآن لها وجه إعجازي قائم بذاته، "ما وجه إعجاز اللفظ الغريب الواحد في القرآن الكريم؟".

وقد أجريت دراسات عديدة على الألفاظ الغريبة في القرآن الكريم، كما اختلفت التفاسير حولها، وتتمثل أهم نتائج الدراسات في كون وجه إعجاز اللفظ الغريب الواحد في القرآن الكريم يتعلق بوجود أكثر من معنى واحد ضمن اللفظ الغريب، وذلك على وجه التلازم لا على وجه الاختيار، وهي الصفة التي لا نجدها في بقية الكلمات بشكل عام، بحيث جرت العادة أن السياق يحدد معنى واحدًا للكلمة. 

وجاء في تفسير الميزان أن (سامدون) التي جاءت في قوله تعالى "أفمن هذا الحديث تعجبون وتضحكون ولا تبكون وأنتم سامدون" في سورة النجم، والمعنى: إذا كان الله هو ربكم الذي ينتهي إليه كل أمر وعليه النشأة الأخرى وكانت القيامة قريبة وليس لها من دون الله كاشفة كان عليكم أن تبكوا لما فرطتم في جنب الله، وتعرضتم للشقاء الدائم أفمن هذا البيان الذي يدعوكم إلى النجاة تعجبون إنكارًا وتضحكون استهزاء ولا تبكون؟

أما تفسير كلمة مثبورًا في قوله تعالى "وإني لأظنك يا فرعون مثبورا" والمثبور الهالك وهو من الثبور بمعنى الهلاك والمعنى قال موسى مخاطبا لفرعون: لقد علمت يا فرعون ما أنزل هؤلاء الآيات البينات إلا رب السماوات والأرض أنزلها بصائر يتبصر بها لتمييز الحق من الباطل وإني لأظنك يا فرعون هالكًا بالآخرة لعنادك وجحودك.
أما معنى كلمة ضيزى التي جاءت في قوله تعالى وله تعالى: «أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثى تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى» استفهام إنكاري مشوب بالاستهزاء، وقسمة ضيزى أي جائرة غير عادلة، والمعنى: إذا كان كذلك وكانت أرباب هذه الأصنام من الملائكة بنات الله، وأنتم لا ترضون لأنفسكم إلا الذكر من الأولاد فهل لكم الذكر ولله سبحانه الأنثى من الأولاد؟ تلك القسمة إذن قسمة جائرة غير عادلة.

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: إذاعة الكفيل - برنامج رصانة وجمال - الحلقة الثالثة - الدورة البرامجية 79.

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا