لا يخلو مجتمعنا مما يسمى بـ
"الموروث" سواء على مستوى العادات والسلوكيات أو على مستوى الفكر
والوعي، حيث يخضع كل مجتمع كبير أو صغير لمجموعة من العادات
والتقاليد التي توارثها سواء كانت أصيلة أو دخيلة من مجتمعات أخرى
على فترات زمنية مختلفة، لكن ما يستحق التأمل هو ذلك الموروث الخطأ
الذي تبنته المجتمعات نتيجة تأثير مجتمع بعينه، وهو ذلك "الموروث
الخطأ" الذي قد توارثه الناس وشكَّل لنا عادات وتقاليد بل أصبح
نمطًا في التفكير، وهو في أغلب الأحيان بأقل توصيف "غير منطقي" بل
قد يتخطى ذاك ليصل لدرجة التضليل. ويمكن رصد هذا التأثر وآثار تلك
الموروثات الخطأ من خلال التعرف ولو بدرجة بسيطة على هويتنا الفكرية
والسلوكية.
ولو تأملنا ذلك عن الحياة الزوجية مثلاً ثم الأسرة لوجدنا أن هذا التغير قد نشأ عندما تبنى الزوج والزوجة، الأم والأب، مبادئ اعتمدت على موروثات خطأ عن طبيعة العلاقة بين الرجل والمرأة أو الزوج والزوجة كذلك الأولاد وعملية التربية. وللأسف الشديد هناك أشياء توارثتها الأجيال عن ثقافة غيرهم وليس ثقافة أجدادهم، بسبب الحروب والاحتلال الأجنبي على الدول العربية في العصور السالفة، وتعزيز هذا الموروث الدخيل له وسائل شتى من قبيل الإعلام والتكنولوجيا ووسائل التواصل والترويج للرفاهية المضرة إضافة إلى تعزيز ثقافة الاستهلاك.
"لقد تم دعم انتشار تلك
الموروثات الخطأ عوامل كثيرة منها الإعلام وأنماط التفسيرات الخاطئة
لحقائق الأمور والتي هي في الوقت نفسه لا تلغي مسؤوليتنا الشخصية عن
وجوب التخلص من تلك الموروثات الدخيلة بالتفكير فيها واختيار ما
يرضي ديننا وضمائرنا ونبتغيه لحياتنا وأولادنا".
لقد استنكر القرآن الكريم طريقة
الانتماء البيئي غير الواعي أو تقليد الآباء والأجداد من غير فهم
ولا تمحيص ولا تمييز بين الخطأ والصواب في العديد من آياته المباركة
منها قوله تعالى: "وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا
أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا
وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا
يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ"
ومن المواريث الخاطئة التي دخلت
المجتمع الشرقي وبدأت تتزايد وتضاف لها إضافات دخيلة مثلًا، التكلف
في مصاريف الزواج وأنماط إقامة حفلات الزفاف، أو ظاهرة لم نكن
نشاهدها في السابق مثل أن يقوم أحد الأبناء بإيداع أحد والديه في
دار للمسنين، كما كانت من عادات الأسر في مجتمعاتنا أن تكون لهم
أوقات كثيرة ومتنوعة للقاء والتحدث ونقل الخبرات وكنا نستشعر من تلك
العلاقات درجة من الأمن والسلامة النفسية، ولو رصدنا بتعمق أكثر
لوجدنا الكثير والكثير من الموروثات التي أصبحت دخيلة علينا كما
أنها خاطئة سواء بمخالفتها للدين والقيم والأخلاق أو حتى مخالفتها
لموروثاتنا الأصيلة الجميلة.
قد عرف أتباع أهل البيت (عليهم
السّلام) بأنهم أتباع وشيعة جعفر بن محمد الصادق (عليه السّلام)،
ووسم الشيعي بأنه جعفري؛ ولهذا الوسام دلالته التأريخية ومغزاه
الثقافي، من هنا نعرف السرّ في عظمة التراث الذي خلّفه لنا الإمام
الصادق (عليه السّلام) ومدى سعته وثرائه في جانبي الكمّ والكيف
معًا، إلى جانب كثرة من تتلمذ على يدي الإمام أبي عبد اللّه الصادق
(عليه السّلام) ممّن حمل تراثه ورواه إلى الأجيال المتعاقبة، فلنعزز
هذا الموروث لجعله جزءًا مهمًا وركنًا أساسيًا في كل لحظة وخطوة في
حياتنا لاسيما المناهج الدراسية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: إذاعة الكفيل - برنامج همسة محبة - الحلقة
السادسة -
الدورة البرامجية 79.