الحصيلة الروحية للصائم
2024/04/07
235

شهر رمضان المبارك فرصة كبرى للمرء في إعادة برمجة الحياة، من طريق وضع الآليات والبرامج القادرة على انتشال الروح من مستنقع الغفلة، فالروحية التي تخيم على المسلمين بمجرد حلول الشهر الفضيل، يصعب توافرها في الأشهر الأخرى، سيما أن عناصر الروحية تتجلى في الكثير من المفاصل الحياتية.

فالصيام يحدث أثراً روحياً يصعب وصفه، مما يحرك الإنسان للعمل، والحرص على التقرب للخالق، عبر المزيد من الممارسات العبادية، لذا فإنّ القدرة على البرمجة تكون متاحة للمسلم طيلة أيام الشهر الكريم.

الممارسات العبادية:
الممارسات العبادية للمرء في أثناء الصيام لا تنحصر في طريقة واحدة أو أسلوب محدد، فجميع أعمال الخير تصنف ضمن الممارسات العبادية التي تقرب المرء إلى الخالق، فالشعور بالجوع للصائم عنصر فاعل في تحريك النفس وترويضها لمقاومة المغريات الدنيوية، ما يساعد في تقوية الإرادة وعدم الانسياق وراء الرغبات الحياتية، مما ينعكس بصورة مباشرة على زيادة الجرعة الإيمانية لدى المسلم.

إن الحصيلة الروحية للصائم خلال شهر رمضان المبارك هي الوقود المعنوي الذي يساعد في مواصلة مسار التقرب إلى الله في جميع الأمور، بيد أن الاكتفاء بهذه الكمية من الجوانب الروحية ليس مطلوباً على الإطلاق، فالقناعة ليست محبذة في اكتساب الجوانب الروحية، باعتبارها الطريق نحو الارتقاء بالذات نحو المزيد من الارتباط بالخالق.

لذا فإنّ شهر رمضان المبارك يفتح السبيل أمام المسلم للانخراط بقوة في طريق العبادة، حيث تؤدي العبادات على اختلافها دوراً فاعلاً في تحطيم المغريات الدنيوية، والعمل على تحريك جوانب الخير، والاعتراف بالعبودية، والتذلل لفاطر السموات والأرض.

الحصيلة الروحية:
تتمثل عملية اكتساب الحصيلة الروحية للصائم في الالتزام بفريضة الصيام، من طريق الإمساك عن الطعام والشراب والامتناع عن الأعمال الخادشة لهذه العبادة السامية.

ولا سيما أن الصائم يحاول التقرب لله عبر رفض المغريات كافة طيلة ساعات النهار، ما يتجلى في تحسين السلوك الخارجي، ومحاولة إحداث تغييرات سلوكية، سواء على الصعيد الذاتي أم الاجتماعي.

فالصوم يحرك النفوس باتجاه التفكير الجاد في طريقة الحياة، بواسطة إعادة العديد من السلوكيات في التعاملات مع المجتمع الصغير، وكذلك مع البيئة الاجتماعية عموماً.

التقرب إلى الله:
إن الإمام السجاد (عليه السلام) يضع الأسس والركائز للانطلاق بقوة نحو التقرب إلى الله تعالى، من طريق الدعاء المنقول عنه مع دخول شهر رمضان المبارك، حيث يركز على أهمية الحمد لله على الهداية لحمده.

فالإقرار بالعبودية أمر مطلوب للعبد في جميع الأوقات، ثم إن الحمد لله ممارسة تتجلى في الكثير من الأعمال سواء المادية أم المعنوية، فالصائم مطالب على الدوام بإظهار الحمد لله في جميع الأمور، سواء خلال أوقات الرخاء أم الشدة، فهذه الامتحانات الحياتية -على اختلافها- تمحّص العبد وتظهر مقدار الإيمان.

إن بلوغ المسلم لشهر الصيام نعمة ليست متاحة للجميع، فهناك فئات محرومة من نيل شرف الصيام والقدرة على تأدية هذه الفريضة العظيمة، سواء نتيجة الموت أم بسبب الذنوب والغفلة من الالتزام بشرع الله في أداء فريضة الصيام، ما يفرض على المسلم تأدية هذه النعمة الكبرى بمزيد من الحمد والشكر لله على توفيقه بدوام الصحة والعافية على الصيام طيلة الشهر الفضيل.

ويقول الإمام السجاد (عليه السلام) إذا دخل شهر رمضان: «الحمد لله الذي هدانا لحمده، وجعلنا من أهله، لنكون لإحسانه من الشاكرين، وليجزينا على ذلك جزاء المحسنين».

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نشرة الكفيل/ نشرة أُسبوعيةٌ ثقافيةٌ (مجانية) تصدر عن العتبة العباسية المقدسة/ العدد 963.
محمد أحمد التاروتي

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا