كيف نتعامل مع مشكلات المراهقين؟
2020/01/19
305

ينظر الكثير من الآباء والأمهات إلى أولادهم المراهقين والمراهقات على أنهم مصدر ازعاج وتعكير صفو الحياة وهذه النظرة ليست بعيدة عن الواقع في غالب الأمر ولكن علينا أن نضع بالاعتبار نقطتين هامتين الاولى هي أن معظم مشكلات المراهقين والمراهقات هي نتاج مرحلة المراهقة أي إنها تزول بزوالها لكن التثقف في كيفية التعامل معها يساعد على تخفيف وطأتها، وعلى عدم تحولها من شيء عابر ومؤقت إلى شيء دائم ومستمر اما النقطة المهمة الاخرى مستمعتي هي أن خبرة معظم الأهالي بالتفريق بين ما هو طبيعي من سلوكيات المراهقين وما هو غير طبيعي أو مشكل، ضعيفة للغاية، وهذا يعود إلى أن معظم الأسر لا تملك الحد المطلوب من الثقافة التربوية كما إن السلوك يصبح مشكلاً إذا تكرر على نحو غير مألوف، أو كان في نظر معظم الناس يعد شيئاً خطراً، أو لا يمكن السكوت عليه والمراهقة مرحلة من أدق وأهم المراحل التي يمر بها الإنسان وليست مشكلة، ولكن نظراً لطول تلك المرحلة والتغيرات التي تصاحبها على كل جوانب الشخصية يتخوف منها البعض ويتصورها كمشكلة. 

أخيتي الكريمة نظراً لكثرة مشاكل المراهقين فاننا سنعرض بعضاً منها بشيء من الإيجاز ومنها الخجل يمكن للخجل أن يكون سبباً في العديد من المشاكل النفسية الخطيرة ولا بدَّ أن المراهق الخجول كان من قبل طفلاً خجولاً، يخشى المراهق المنطوي على ذاته التواصل مع الخارج، خوفاً من التعرض للسخرية، لذلك فإنه يحمر وجهه ما أن يصبح موضوع الحديث، ويبدأ بالتلعثم ما أن يبدأ الكلام، ولا يعبر عن رغباته إلا نادراً، فالخجل يفصل المراهق ويبعده عن الحياة الاجتماعية فإن الأبناء الذين يخالطون غيرهم، ويجتمعون معهم يكونوا أقل خجلاً من الأبناء الذين لا يخالطون ولا يجتمعون فالمعالجة لا تتم إلا بأن نعود الأبناء على الاجتماع مع الناس بأخذهم إلى الزيارات العائلية والخروج مع الأصدقاء إلى الأندية والمعاهد، وتعوديهم على التحدث برفق مع الآخرين والاستماع له، فهذا يساعد على كسب ثقته بنفسه، وبالتالي تضعف حالة الخجل لديه.

والمشكلة الأخرى التي يعاني منها المراهق هي الاكتئاب حيث تولد التغيرات الجسدية والنفسية التي تحصل في عمر المراهقة موجات من الاكتئاب فيبدو المراهقون في الكثير من الأحيان مضطربين مشوشين يتكلمون بصوت مرتفع، لا يسمعون إلا جزءاً مما نقوله لهم. فنجده تارة سعيداً، وفي لحظات يتغير مزاجه فيصبح عصبيّاً وحزيناً، وقد يلجأ إلى البكاء لأتفه الأسباب كما انه يميل إلى تضخيم الأمور حتى ولو كانت بسيطة ويعتقد أن المشاكل التي يمر بها من أعقد المشاكل ويمكن علاج ذلك بمواجهة مشاعر المراهق بتفهمها، أي بفهم مشاعر أبنائنا... ماذا يريدون؟ وتقديم المدح له في الجوانب الحسنة، فهذا يقوي ثقته بنفسه فضلا عن الاستماع الجيد للمراهق وأن نتعلم كيف نوجه مشاعر الغضب وامتصاصها.

أما المشكلة الأخرى التي يعاني منها المراهق هي الغضب والغضب حالة نفسية، وظاهرة انفعالية يحس بها الإنسان منذ نعومة أظافره وتصاحبه في جميع مراحل حياته حيث قد يكسر المراهق الأشياء المتوفرة أمامه وقد يرمي بها في ثورة عارمة. وقد يتعامل بعنف مع إخوته وأخواته ومع أبيه وأمه سواء كان الغضب كلاميّاً أو جسديّاً أو داخليّاً فإنه يحوّل سلوك المرء ويغيره، فإذا وجدتم خلافاً بين أولادكم فيجب التدخل لأن المراهق قد يتصرف بعدوانية شديدة على نحو خطر على أحد أفراد أسرته أو حتى مع والديه وإن خير علاج لهذه المشكلة هي تجنيب الأبناء دواعي الغضب وأسبابه فعليهم تعليم الابن كيف يسيطر على غضبه وشغل وقت فراغه بشيء مفيد مثل الرياضة التي يفرغ غالبية طاقته بها.

ومن أشهر المشاكل التي تواجه الآباء والأمهات من أبنائهم المراهقين هي التدخين إنها محاولة لجذب الانتباه إليه والشعور بأنه إنسان مستقل بذاته، وله كيان مستقل ويترك الطفولة إلى مرحلة أكبر من خلال البحث عن الرجولة الزائفة وقد يكون السبب عدم تعاون الوالدين في تربية الابن وسلوك كل منهما اتجاها مخالفاً للآخر، وهناك أيضاً التقليد الأعمى لوالده أو لشخصية مشهورة. أصدقاء السوء لهم الأثر الأكبر في لجوء المراهق للتدخين، فهو يتأثر بهم ولا يستطيع مخالفة سلوكياتهم فالعلاج يبدأ من الوالدين حيث يجب عليهم ترسيخ كراهية التدخين في نفس الابن وذكر أضراره كلما رأى شخصاً مدخناً يجب التعامل مع الابن بهدوء، فحل المشكلة سيأخذ الكثير من الوقت والجهد توجيه الابن إلى الابتعاد عن أصدقاء السوء بتوضيح خطرهم وصفاتهم وأخلاقهم السيئة، حتى إذا وصلوا إلى مرحلة المراهقة كان اختيارهم لأصدقائهم مبنيّاً على المواصفات الجيدة التي حددها لهم الآباء مسبقاًعلى الوالدين معرفة أين ينفق الابن مصروفه؟ فالحب والحنان ليس معناه أن نعطيه نقوداً أكثر من حاجته الحقيقية. ونحذر من الحرمان من المصروف الشخصي حتى لا ندفع الابن إلى الحصول عليه بطريقة غير شرعية التوضيح للمراهق بعواقب استمراره للتدخين وأن المسألة ليست سهلة، فإن لم يتركه الآن فسيستمر في التدخين طوال عمره.

      وختاماً أخيتي لو تأملنا في المشكلات التي نواجهها مع المراهقين والمراهقات، لوجدنا أنها في الغالب ليست كبيرة بقدر ما هي مستفزة ومزعجة، فالطفل الوديع الذي كان يُلقي بنفسه في حضن والدته، يحبو الآن نحو الرشد والاستقلال، وهو سيرفض الكثير من الأمور الجيدة والمنطقية حتى يؤكد لنفسه ولغيره بأنه قد كبر، وصارت له رؤيته الشخصية.

 

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصدر:  برنامج رحيق العفاف - الحلقة الثانية

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا