كيفية التعامل مع خطأ المراهق
2020/03/16
1926

إنَّ الخطأ من طبيعة البشر وذلك مصداقاً لقول رسول الله (ص وآله): " كل بني آدم خطَّاء وخير الخطَّائين التوابون"، وإذا كان الخطأ وارداً على البشر وهو من صفاتهم الملازمة لهم فإنَّ ذلك الخطأ واردٌ كذلك على المراهق ذكراً كان أو أنثى وانطلاقاً من هذه الحقيقة فليس مجرد وقوع الخطأ أو التفكير به مصيبة كبرى ولكنَّ المصيبة هو إنكار هذا الفعل بأنَّه خطأٌ أصلاً وعدم الاعتراف به ثم الإصرار عليه دون الشعور بأيِّ ندمٍ أو تأنيبٍ للضمير أو الخوف من عقاب الله تعالى في الدنيا والآخرة وهنا نتسال كيف نستطيع أن نأخذ بيد المراهق المخطئ الذي وقع في الخطأ أو فكر في الوقوع فيه إلى الاعتراف بأنه مخطئ وأنَّ هذا الفعل لا يليق به فعله وما هو السبيل للتخلص من هذا الخطأ؟ وكيف نصحح هذا الخطأ؟ وما هو الأسلوب الأمثل والأنجع في معالجة هذا الأمر؟ لا سيما وأنَّ الكلام موجهٌ إلى مرحلة المراهقة وهي مرحلة حساسةٌ جداً وإذا أسأنا التصرف معها قد نخسر ثقة المراهق والتأثير به وتوجيهه وإذا أحسنّا التصرف ربحنا ثقته والتأثير به.

إن شمولية هذا الدين العظيم تأبى إهمال هذا الجانب التربوي المهم بل إننا إذا دققنا النظر في حديث واحدٍ من أحاديث رسولنا الكريم محمد(ص وآله)  الذي عالج فيه مشكلةً من المشاكل التي يقع فيها المراهق عادةً أو حتى يفكر فيها لوجدنا فيه منهجاً متكاملاً واضحَ الخطوات والمعالم في التعامل مع أيّ خطأ أو تصور أو تصرفٍ يصدر عن المراهق، فمما يروى:" إنَّ فتى شاباً أتى النبي (ص وآله) فقال: يا رسول الله ائذن لي بالزنا، فأقبل القوم عليه فزجروه وقالوا: مُهْ مُهْ فقال (ص وآله): أدنو مني فدنا منه قريباً قال: فجلس قال: "أتحبه لأمك؟ قال لا والله جعلني الله فداك، قال ولا الناس يحبونه لأمهاتهم، قال أفتحبه لابنتك؟ قال: لا والله  يا رسول الله جعلني الله فداك، قال ولا الناس يحبونه لبناتهم، قال: أفتحبه لأختك؟ قال: لا والله جعلني الله فداءك، قال:  ولا الناس يحبونه لأخواتهم، قال: أفتحبه لعمتك؟ قال: لا والله جعلني الله فداءك، قال ولا الناس يحبونه لعماتهم، قال: أفتحبه لخالتك؟ قال: لا والله جعلني الله فداءك قال ولا الناس يحبونه لخالاتهم قال: فوضع يده عليه وقال: اللهم اغفر ذنبه وطهِّر قلبه وحصِّن فرجه).

وهنا نلاحظ بشكل واضح وجليّ أنَّ النبي الاكرم (ص وآله) استخدم في هذا الحديث عدة خطوات علاجية في تصحيح ما فكر به هذا المراهق من فعل خطأ يتنافى مع تعاليم الدين ومكارم الأخلاق ومحاسن العادات فمن خلال هذا الحديث الشريف يمكننا أن نضع منهجاً واضحاً للتعامل مع المراهق عند تفكيره في الخطأ أو حتى عنده ارتكابه لهذا الخطأ ويظهر لنا هذا المنهج حيث قام (ص وآله) بتقرَّيب الفتى منه قائلاً:  "أدن مني " ولم يُنكِر عليه هذه الجرأة الغريبة وهو رسول اللّه بل أنكر على الذي أنكر عليه ثم انه (ص وآله) أجلسه بجانبه وبدأ معه حواراً هادئاً بنَّاءً مما جعله يُقرُّ بالخطأ كثيراً وتكراراً بقوله: "لا واللّه يا رسول اللّه" كما أننا نلاحظ في خطابه (ص وآله) أنه خاطب عقل وقلب وعاطفة الفتى المراهق قائلاً (ص وآله): " أترضاه لأمك؟ لأختك؟ لابنتك؟ لعمتك؟ لخالتك؟ كما أعطاه النبي (ص وآله) لمسة حب وحنان بان وضع يده عليه ثم دعا له".

 أختي الكريمة ومما يلاحظ إن للإسلام طريقته الخاصة في إصلاح أخطاء الأبناء وخصوصاً المراهقين وهو التدرج في العقاب من الوعظ إلى الهجر ثم الضرب وتأديب الأبناء بالعقوبة علاج ناجح وأمر مشروع؛ لأن هدفه تربوي ووسيلته مباحة لذا فإن العقاب ليس عملاً انتقامياً أو فعلاً قبيحاً بل له مبرراته ومسوغاته الشرعية فمن المؤكد أنه لا يمكن تصحيح خطأ الأبناء مهما كان حجمه ومصدره إلا بعد الوقوف عليه ومعرفة أسبابه وطبيعة أي خطأ تعتمد أصوله على ثلاثة أشياء إما أن يكون فكريا أي أن الابن لا يملك الفكرة الصحيحة عن الشيء فيتصرف من عنده ويخطأ و إما أن يكون السبب عملياً أي أن الابن لا يمكن أن يتقن عمله لعدم قدرته عليه وإما أن يكون السبب ذات الابن وتعمده الخطأ.
وقد كان النبي (ص وآله) يصحح البُنى الفكرية للابن إذا أخطأ ويعلمه الصحيح من القيم والأخلاق والسلوكيات كخطوة أولى وأساسية في تقويمه مستخدمًا كافة الأساليب المحببة والسبل المؤثرة والمثمرة ثم يوضح لهم كثيرًا من تلك الأشياء بالتطبيق العملي لها، لترسخ في أذهانهم ومن أمثلة ذلك تصحيح الرسول الاكرم (ص وآله) لغلاما في كيفية الطعام والشراب عندما حيث قال(ص وآله): ( يا غلام، سم الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك).
ومن العقوبات الملائمة للمراهقين والمراهقات عند ارتكابهم للخطأ وهم مصرين عليه هو الحرمان من أي شيء يرغبون به لفترة معينة مثل حرمانه من الحاسب الآلي الذي يعني لهم الكثير، أيضاً حرمانهم من الهاتف أو التلفاز حرمانه من الخروج للتنزه في نهاية الأسبوع، إذا أتلف المراهق شيئاً، فعليه إصلاحه قدر الإمكان ويمكن أن يخصم من مصروفه إذا أتلف شيئاً وهو متعمد أيضاً عند بعثرة الأشياء في المنزل يطالب المراهقون بترتيبها فهذا يجدي بعدم القيام بذلك مستقبلاً.

 

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: رحيق العفاف -الحلقة الثامنة - الدورة الإذاعية 36.

 


تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا