أهمية الحوار في الأسرة
2020/02/21
1028

 يعتبر الحوار من وسائل الاتصال الفعّالة، وتزداد أهميته في الجانب التربوي في البيت والمدرسة، ولأنّ الخلاف صبغة بشرية فإن الحوار من شأنه تقريب النفوس وترويضها، وكبح جماحها بإخضاعها لأهداف الجماعة ومعاييرها، ويتطلب الحوار مهارات معينة، وقواعد له إجراءات وآداب تحكم سيره، وترسم له الأطر التربوية التي من شأنها تحقيق الأهداف المرجوّة، إنّ في ثنايا الحوار فوائد جمّة نفسية وتربوية ودينية واجتماعية وتحصيلية تعود على المحاور بالنفع كونها تسعى إلى نمو شامل وتنهج نهجاً دينياً حضارياً ينشده كثير من الناس. والقرآن الكريم أولى الحوار أهمية بالغة في مواقف الدعوة والتربية، وجعله الإطارالفني لتوجيه الناس وإرشادهم إذ فيه جذب لعقول الناس، وراحة لنفوسهم، إن الأسلوب الحواري في القرآن الكريم يبتعد عن الفلسفات المعقّدة، ويمتاز بالسهولة فالقصة الحوارية تطفح بألوان من الأساليب حسب عقول ومقتضيات أحوال المخاطبين الفطرية والاجتماعية، وغلّف تلك الأساليب بلين الجانب وإحالة الجدل إلى حوار إيجابي يسعى إلى تحقيق الهدف بأحسن الألفاظ، وألطف الطرق، قال تعالى: (اذهبا إلى فرعون إنه طغى، فقولا له قولاً ليناً لعلة يتذكر أو يخشى) هذا وقد ورد ذكر الحوار في أكثر من موضع في القران الكريم في مواقف للدعوة والتربية لزيادة الرصيد المعرفي في التربية للمرشدين والآباء والأمهات، وأهمية الحوار يعد من أحسن الوسائل الموصلة إلى الإقناع، وتغيير الاتجاه الذي قد يدفع إلى تعديل السلوك إلى الاحسن؛ لأن الحوار ترويض للنفس على قبول النقد، واحترام آراء الآخرين، وتتجلّى أهميته في دعم النمو النفسي، والتخفيف من مشاعر الكبت وتحرير النفس من الصراعات والمشاعر العدائية والمخاوف والقلق؛ فأهميته تكمن في أنّه وسيلة بنائية علاجية تساعد في حل كثير من المشكلات.

أما كيف يمكن أن يكون الحوار مفيد فهو:

1- تحديد الهدف من الحوار وفهم موضوعه، والمحافظة عليه أثناء الحوار إذ أنّ من شأن ذلك حفظ الوقت والجهد وتعزيز احترام الطرف الآخر. 2- التهيؤ النفسي والعقلي والاستعداد لحسن العرض وضبط النفس، والاستماع والإصغاء والتواضع، وتقبّل الآخر، وعدم إفحامه أو تحقيره، والتهيؤ لخدمة الهدف المنشود بانتهاج الحوار الإيجابي البعيد عن الجدل وتحري العدل والصدق والأمانة والموضوعية في الطرح مع إظهار اللباقة والهدوء،وحضور البديهة ودماثة الأخلاق والمبادرة إلى قبول الحق عند قيام الدليل من المحاور الآخر.

3- عدم إصدار أحكام على المتحاور أثناء الحوار حتى وإن كان مخطأً لكي لا يتحول الموقف إلى جدال عقيم لا فائدة منه.

4- محاورة شخص واحد في كل مرّة ما أمكن ذلك دون الانشغال بغيره بغيرة أثناء الحوار حتى يلمس الاهتمام به فيغدو الحوار مثمراً ومحققاً لأهدافه.

5- اختيار الظرف الزماني والمكاني ومراعاة الحال: على المحاور أن يختار الوقت والمكان المناسبين له ولمحاوره على حد سواء وبرضى تام.. وعلى المحاور أن يراعي حالة محاوره أيضا؛ فيراعي الإرهاق والجوع ودرجة الحرارة، وضيق المكان والإضاءة والتهوية بحيث لا يكون الحوار سابقاً لطعام والمحاوِر جائع، أو أن يكون الحوار سابقاً لموعد الراحة والمحاور يفضّل النوم، أو يكون الحوار في وقت ضيق كدقائق ما قبل السفر، أو أثناء انشغال الطالب المحاور بشيء يحبّه أوفي وقت راحته أو في زمن مرهق، له كزمن انصراف الطلاب إلى منازلهم نهاية اليوم الدراسي أو أثناء تمتّعهم بوقت فسحتهم المدرسية، إن الحوار يجب أن يراعي مقتضى حال المحاورين من جميع الجوانب النفسية والاقتصادية والصحية والعمرية والعلمية, ومراعاة الفروق الفردية والفئة العمرية مع الإيمان بأن الاختلاف في الطبيعة الإنسانية أمر وارد، أما فوائد الحوار بين الأبوين والأبناء فهي إصلاح الأبناء وتهذيبهم، فعلى الوالدين تعريف أبنائهم بمبادئ الإسلام وعباداته ومعاملاته التي تشمل جميع نواحي الحياة وتنظم كل نشاط يقوم به الإنسان، وذلك عن طريق الحوار بالإجابة على استفساراتهم وغرس العقيدة السليمة في نفوسهم بما يتناسب مع قدراتهم ومداركهم وميولهم، والأب التربوي المحاور أفضل وأهم من الأب الملقن، والأم تعطي دروس لأبنائها في الطفولة تساعدهم على تحقيق حلم المستقبل الطموح الثوابت، المبادئ عن طريق اللغة الهادفة لتغرس فيهم خلقاً عظيماً وتعينهم على التفكير المنظم والمنطق الواضح، والخيال الواسع، والذوق السليم، وحسن المعاملة والنظام، وهي لا تأتي إلا عن طريق الحوار الفعال.

ومن هنا فإن لغة الحوار هي من أنجح الوسائل لإيصال المفاهيم السليمة إلى عقل الأطفال، ومن المهم أن يجد الابن مع والديه فرصة ليتجاوب فكرياً معهما، ويتعلم الحديث منهما والقدرة على المشاركة في الموضوعات والحوارات،وفي ختام الحلقة الاخيرة من هذا البرنامج لا يسعني ألا ان أقول لكِ أختي الكريمة: إن أسرتك مؤسستكِ، وأنتي من يتفنن ويخطط لبنائها وبناء مستقبل أولادك؛ لأنها طريقكِ الى السعادة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: طريقك إلى السعادة- الحلقة الثانية عشرة- الدورة البرامجية 29.

 

 

 

 

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا