كيف نطبق عملياً تعليم الطفل للأمور العقائدية؟
2020/02/14
282

أختي الكريمة لا يستوعب الطفل كل ما نخبره به وما يحدث حوله بالعمق نفسه بل يفهمه بشكله السطحي، ومن الناس من يعترضون على تعليم الطفل في سن صغيرة، وهذا غير صحيح فالأطفال يحفظون القرآن بشكل جيد رغم أنهم لا يفهمونه، فعقل الطفل كالكمبيوتر نستطيع أن نخزن به ما نريد وعندما يكبر يتصرف وفق ما خزنا به وعليه فيجب علينا أن نبدأ بتعليمه نظرياً فأي علم يعتمد في بدايته على الأشياء النظرية، كأن نجعله ينظر إلى السماء والأرض ثم نخبره أن الله خلق السموات والأرض.. وحين نجلس على طاولة الطعام نقول له إن هذا الطعام من عند الله، سيبدأ بعدها بالسؤال والاستفسار عن كل شيء يصادفه.

إذاً نبدأ أولاً بعملية غرس الجانب النظري ونستغل كل مناسبة لطرح هذا الفكر من خلال حوار الطفل فعندما يبدأ بالأكل نعلمه أن يقول بسم الله ثم نسأله من أتى بهذا الطعام؟ في البداية سيجيبنا بابا.. من أين؟.. من السوق والسوق أتى به من أين هكذا حتى ننتهي به إلى أن الله وفر لنا ذلك ونعلمه أن يحمد الله على هذه النعمة.

يجب أن تربط الأم باستمرار كل أمور الطفل بالله حتى تنتقل به من الجانب النظري إلى التطبيقي، فيأخذ جانب التطبيق بالسلوكيات، ثم ننتقل إلى إشعار الطفل بأن سلوكياته وأفعاله مراقبة من الله عز وجل لتعزيز المفهوم العقدي الموجود، نخبره أن الله موجود يراقبنا، يرانا، مطلع، وهو بعيد يستمع إلينا ويبصرنا، تتبلور المفاهيم لديه حسب سنه، ولكي ننجح في مهمتنا علينا استخدام الأسلوب القصصي، المحاكاة، التقليد، إذ أن القصص تلعب دور كبير في تكوين الفكر عند الطفل.

ولا ننسى الاهتمام في جانب الاستمرار في تعزيز المعلومات إذ لا يكفي أن نعلمه مرة واحدة.. كما يحصل مع الكثير من الأهالي إذ يعلمون أطفالهم الصلاة مرة واحدة وربما يهتمون ويتابعونهم إذا ما أدوا الفرائض، لكنهم لا يراقبون أطفالهم كيف يصلون.. لا يتابعون معهم أهمية الخشوع في الصلاة حتى غدت عند الكثير من المصلين مجرد حركات مما يجعلهم يكبرون وينشئون على ذلك.

للأسف الكثير منا لا يقيم الصلاة إنما فقط يؤديها، هناك من الناس من تخشع في الصلاة تتفكر وهي تقرأ الآيات، إن الله خلقنا، وأن الجنة والنار خلقهم الله وينتظروننا، يجب أن نفهم أطفالنا كيف يكتسبون عملية الخشوع.

أختي الفاضلة إن عملية تعليم الطفل لا تكون بين يوم وليلة وتنتهي.. تبقى باستمرار حتى سن التكليف حيث تبدأ عملية التوجيه غير المباشر عن بعد حيث تظهر في هذه السن آثار المخزون الذي وضعناه في الطفل.

وعلينا تطويع المعلومات على أرض الواقع مع التذكير والمتابعة، وفي القرآن ما يدل على أهمية المتابعة في هذا الجانب ويتجلى ذلك في يعقوب عليه السلام حين جمع أولاده وسألهم من ستعبدون من بعدي.. من يتأمل تلك الآيات يتبين له أن يعقوب وهو نبي لآخر لحظة في حياته يذكر أبناؤه وهم كبار ويقر عندهم عقيدة التوحيد، وقد استنبط بعض علماء التربية من هذه القصة إلى أن المسألة تحتاج إلى استحضار دائم وتذكير.

عزيزتي.. كثيراً ما يسأل الأطفال أين الله ولماذا لا نراه؟ وهنا يمكن أن نجيب أن الله في السماء لا نراه لأنه لا أحد يستطيع أن يراه.. ولا بد هنا أن نقص عليهم قصة موسى (عليه السلام) وماذا حدث له عندما طلب أن يرى الله، يفهم من ذلك الطفل أن يتوقف عند حد معين ويتوجه عقله لما هو أولى.. ونفهمه أننا في مرحلة عمل وإعداد للوصول إلى رؤية الله نقول له كل ما على الأرض لله، نعلمه أركان الإيمان والأهم من ذلك أن يكون كل ذلك موجود في قرارة المربي نفسه، كما أن المربي عندما يعلم طفله يتعلم معه إذا تثار المسألة لديه من جديد كما أن على المربي أن يكون قدوة في أقواله وأفعاله لذا يجب أن نربي أنفسنا أولاً وخاصة أن الأخلاق كلها قابلة للاكتساب.

ويجب أن نقتدي بمنهج النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – في التعليم تعليم الحب والرفق كخطوة أولى نوصل لهم المعلومة ونحببها إلى نفوسهم ونكافئ مطبقيها ونعطيهم حوافز ومرغبات، إذا أن الأطفال ملوا طريقة العرض التلقيني المباشر، لماذا لا نجلس مع أطفالنا جلسة قرآنية نقرأ فيها خمسة آيات نسألهم بعدها ماذا فهموا منها نحاول أن نشغلهم ثم نقدم مكافأة لمن يجيب الإجابة الصحيحة، بذلك سنولد لديهم روح التنافس وهي طريقة جيدة وغير مملة للتعليم و جربتها بعض الأسر ونجحت معهم على أن يتم كل ذلك برفق ولين.

أختي الكريمة بعد أن نقدم لهم المعلومات ويباشرونها ويعرفونها جيداً وتكون قد أخذت وقتها الكافي وصارت سلوك لهم، فإذا لم يطبقوها يمكن استخدام العقاب وأعتقد أن الحرمان أسلوب جيد، لكن للأسف كثير من المربين في غالب العقوبات التي تسري على الأطفال تكون ردود أفعال أو حالة غضب فإذا فعل الطفل أمراً وكان المربي غاضباً ضربه وإذا فعل الأمر نفسه وكان المربي في حالة نفسية جيدة لم يعلق عليه!هذه ليست تربية إنما تفريغ شحنة، أن هناك من الآباء من يصلي ركعتين قبل أن يعاقب أولاده، وعلينا أن نعلم الطفل العطاء وعدم انتظار رد هذا العطاء إلا من الله، يجب أن يكون كل ذلك حاضر في ذهن المربي كأن تطلب من الطفل أن يعطي أخيه أو صديقه حلوى وتقول له إن أعطيته مما معك سيعطيك مما معه وهذا خطأ بل علينا أن نقول أعطيه ليرضى عنك الله ويكتبه في ميزان حسناتك ويرزقك غيرها، بعض المدرسين يستخدمون أسلوب الترهيب والتركيز عليه مع الأطفال في هذه السن الصغيرة فما رأيكم؟ القرآن كله ترغيب وترهيب ولا تخلو سورة من الترهيب والترغيب والمهم كيف نرغبه وكيف نرهبه وأنا لا أحبذ ذكر سيرة النار للطفل ولا أضع النار رقم واحد وإن أردنا ذكرها للطفل علينا أن نعرضها له كما عرضها القرآن، مثلاً هذه النار لمن؟.. لمن كفر والله وعدنا في الجنة والذي يعصي الله يغضب عليه، نضع الترهيب ضمن الترغيب وألا يكون هو الهدف بحيث لا يؤثر على نفسية الطفل.. فرسول الله(صلى الله عليه واله وسلم)عندما كان يعلم الصحابة يسألونه أن يدلهم على الأشياء التي تدخلهم الجنة وتبعدهم عن النار فهم بذلك يعرفون أن هناك جنة وهناك نار والناس يعبدون الله بالحب والخوف حيث تأتينا لحظات نقبل على الطاعة حباً ولحظات نقبل خوفاً.




ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: برنامج ثمرة الإيمان - الحلقة الحادية عشرة - الدورة البرامجية 34.

 

 

 

 

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا