أختي الكريمة.. في الوقت الذي تعتقدين فيه بأنَّه من المبكر تعليم طفلك كيفية ادخار أو صرف المال، اعلمي أن ثقافة الاستهلاك قد تسللت إليه عن طريق مئات الرسائل الإعلانية وغير الإعلانية التي تدعوه إلى الشراء والإنفاق  فهل تتركين صغيرك عرضة للمفاهيم الإنفاقية الخاطئة، أم تحاولين تعريفه إلى المفاهيم المالية الصحيحة؟".

اعلمي إنّه كلما بكرت في إرساء العادات المالية السليمة لدى طفلك، ضمنت حمايته من شرك العمليات الإنفاقية غير المبررة، وقدمت له درساً قيماً في كيفية التعامل مع المال، ومعرفة قيمته واحترامه فلا تترددي في تعليم طفلك كيفية الادخار والإنفاق بأسلوب سهل ومسلٍّ وإليك الطريقة لفعل ذلك منها أعطي طفلك مبلغا بشيطا كان يكون مئتان وخمسون دينارا و إذا كان طفلك لا يعرف بعد كيفية صرف المال، فهذا لا يعني بالضرورة أنه لا يستطيع أن يمسكه بيده وان إعطاء الطفل مالاً وحثه على الإمساك بالأوراق النقدية أو العملات المعدنية يؤسسان لما يعرف بالثقافة المالية، على غرار القراءة بصوت مرتفع لتعويد طفل بالكاد يلفظ بضعة أحرف، على القراءة.

من أجل تعريف صغيرك دور المال في الحياة، شجعيه على دفع المال عندما تشترين بعض الحاجيات من السوق أو اتركيه يساعدك في وضع العملات المعدنية في حصالة النقود والعبي معه لعبة البائع والزبون كي يفهم أن للمال قيمة ما تمكنه من شراء الأشياء التي يرغب فيها أو يحتاج إليها.

ومن الوسائل الاخرى لتعليم طفلك اهمية المال هو حسن التدبير مستمعتي يبدو أن زمن التوفير وتصليح وترميم الأشياء المكسورة والمحطمة قد ولى، وحلت مكانه ثقافة رمي الأشياء القديمة وشراء أخرى جديدة. هذا المفهوم وإن كان أسهل الحلول أحياناً لكنه لا يخدم طفلك لناحية تعليمه احترام قيمة الأشياء والحفاظ عليها. ويجب أن يعي طفلك أنه ليس في الإمكان دوماً استبدال مقتنياته في حال تعرضت للتلف بأخرى جديدة، وإنما يجب العمل على الحفاظ عليها، وأن يسعى إلى إصلاحها أو ترميمها في حال تعرضت للكسر أو التلف. مثلاً، اشرحي لطفلك أن رمي الكتاب على الأرض يمكن أن يؤدي إلى تلفه، وأن حمل الكتاب بهدوء والعناية به يحافظ عليه ويجعله يدوم أكثر و سارعي إلى الاستفادة من هذه المناسبة لتعليمه المزيد من المفاهيم المالية حول الإنفاق والتوفير.

كما يمكنك أيضاً من أجل تعزيز مفهوم التوفير وعدم الإسراف في صرف المال، أطلبي من صغيرك أن يساعدك في غسل الملابس التي لم تعد تناسبه، كي تتمكني من إعطائها لطفل آخر أصغر منه.

كما يجب عليك اخيتي الفاضلة أن تعلمّي طفلك حكمة الصبر حيث يرغب الطفل بطبيعته في الحصول على ما يريده فوراً، لكن تعليمه الانتظار والصبر أمر ضروري له، ويعتبر بمثابة بناء حجر إضافي في عالم التعاملات المالية ويمكنك البدء بتعليم صغيرك أهمية الصبر وحكمة الانتظار باكراً جداً، مثلاً عندما يطلب منك شرب كوب حليب أثناء انهماكك في عمل ما، لا تلبي طلبه فوراً، وإنما اشرحي له أنك ستجلبين له كوب الحليب عندما تنهين عملك، وبهذه الطريقة توجدين فرصة لتأجيل طلبه، وتدربينه على الانتظار والصبر، وهذا في حد ذاته يعد أفضل هدية يقدمها الأهل لأطفالهم و يمكنك البدء بتدريب طفلك على صرف المال في سن الخمس سنوات، أعطيه مصروفاً خاصاً ومنتظماً أسبوعياً على أن يتولى هو إدارته، أكيد بعد تأمين الضروريات من مأكل وملبس وكتب.

فلو رغب مثلاً في شراء قطعة شوكولاته يمكنه فعل ذلك من مصروفه، أما إذا كان المبلغ الذي بحوزته لا يكفيه لشراء ما يريده، عليك أن تشرحي له أن في مقدوره الانتظار أسبوعاً آخر ليحصل على مصروفه الأسبوعي، ما يمكنه من جمع المال المطلوب لشراء الشوكولاته. ومع نمو الطفل، ستزداد قدرته على الانتظار لفترات أطول وهنا سيراجع صغيرك حساباته، ويقرر مدى الحاجة والفائدة التي ستعود عليه من هذا الغرض، فإن كانت هناك حاجة ملحة فإنه سيوفر المبلغ المطلوب ويشتري ما يريده حتى ولو أرغم على الانتظار عشرة أسابيع وقد تسمعين ايتها الام في هذه الأثناء الكثير من الشكوى، ولكن تيقني أنه عندما ينجح في شراء ما يريده بمفرده، ستزداد ثقته بنفسه.
وإليك أختي الكريمة بعض النصائح السريعة لتربي طفلك على احترام المال ومعرفة قيمة المجهود الذي يبذل من أجل الحصول عليه منها لا تظهري أمامه قدرتك على شراء كل ما تريدينه أثناء التسوق و دربي طفلك على ضبط شهوته في حب الشراء والإسراف. وناقشي قيمة السلعة التي ينوي شراءها وما إذا كانت تتناسب والمبلغ الذي بحوزته وما إذا كانت حاجة ضرورية له أم لا وعلمية عدم صرف المال الذي جمعه على أشياء غير ضرورية، وحثيه على توفير ماله لشراء حاجاته والضروريات له.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: نصف العيش- الحلقة الرابعة- الدورةالبرامجية 29.