التربية العلمية
2024/01/30
295

قال الله تعالى في محكم كتابه:- ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَات﴾..

في ميدان التربية قد يخطر ببالنا هذا السؤال: ألا وهو كيف ننجح في تربية الابن علميا؟
في البدء لابد من معرفة الهدف من اكتساب العلم ومدى أهميته فإن الله وهب الإنسان عقلاً ميزهُ به عن سائر خلقه لذا كان لزاماً على الإنسان أن يوسع مدارك هذا العقل ليمتلك القدرة التي تساعده في إعمار هذه الأرض والتفكر في بديع خلق الله ونعمه، كما أن حاجة الإنسان للعلم حاجة ماسة فهي ضرورةٌ لتيسير العيش كما أنَ للعلم آثاراً بالغة الأهمية في حياة الفرد والمجتمع، وهو ركيزة أساسية في تقدم الأمم والحضارات فما سادت أمةٌ على أخرى إلا بالعلم.

إن من أهم أهداف التربية العلمية تقوية البناء العقلي والعلمي للأطفال في جميع مراحل نموهم عن طريق مجموعة من الوسائل.. فمن خلال تطوير طرق التعليم فإن الأم قادرة على ملاحظة مدى إدراك طفلها وطريقة التدريس الملائمة له والابتعاد عن طرق التلقين والاعتناء بالطرق الحديثة في التعليم والابتعاد أيضا عن الطرق التي تركز على اتجاه واحد في التواصل معه والتي يكون فيها الطالب هو المتلقي والمستمع وعدم تعويد الأبناء فقط على طريقة الحفظ، فحينها سيكون دوره قاصرًا على التذكر والاستدعاء فقط، وتطوير أساليب التقويم وطرقه وإعطاء فرصة  للطالب في تقويم ما يسمع ونقده بل تشجيعه على ذلك ودفعه لإبداء رأيه وتطوير أساليب الخطاب عند الأبناء من خلال مضمون ما يقدم لهم من مواضيع علمية ومحاولة طرح ما يتناسب مع ذائقة كل طفل وزيادة دور الطلبة في التعليم والاعتماد على الطرق الحديثة في التعليم والابتعاد عن طرق التلقين والسرد، فيجب اتباع طرق النشاط الجماعي أو الفردي كأن يساعد الطلبة الأستاذ في إلقاء الدرس وهذا يصب في مصلحة الطالب لأنه يضطر للبحث عن الدرس بنفسه وبذلك يتعود على الوصول للمعلومات بنفسه من خلال السؤال والمناقشة على أن يكون ذلك مناسبًا لمرحلته العمرية والمحافظة على الطاقة العقلية من خلال إشغال عقل الطفل بفكرة ما ليصل الى نتيجة معينة يتم لاحقا تبيانها وشرحها بشكل مفصل من قبل الأم أو الأب.

كيف نشجع أبناءنا ونجعلهم فضوليين تجاه المعلومات؟ 
كسؤاله مثلًا ما فوائد الجهاز التنفسي أو كيف تتوقع شكله؟ سيستغرق الطفل بالتفكير ومحاولة تشغيل أداة الخيال ليصل الى نتيجة فيعرضها عليك لتقومي أنت بتصحيحها إن كانت خاطئة أو إتمامها إن كانت صحيحة وتعويد الأطفال على القراءة قدر الإمكان.

كيف لي أن أعود أبنائي على القراءة وهم يميلون الى اللعب بطبيعتهم؟
الأمر بسيط جدًا، لكن هو بحاحة الى مواصلة من خلال قراءة الكتب أمامهم ووجود جدار في المنزل يكون مخصصًا لمكتبة بسيطة على حسب ذوق العائلة إن كانت روائية أو قصصية أو علمية، وشراء الكتب والمجلات المصورة للأطفال كهدايا أو مكافئات وكذلك تخصيص وقت للقراءة داخل المنزل ولو بمقدار ربع ساعة يوميًا أو ساعة أسبوعية..

ومن الجميل أن يكون داخل المدرسة تخصيص وقت لزيارة مكتبة المدرسة وأن لم تتوفر مكتبة فيطلب من كل طالب جلب كتاب لا على التعيين فيترك الخيار للطلبة في اختيار الكتب لتكون هناك جلسة مدرسية مع الطلبة عن نوع الكتب التي اقتنوها ولماذا اختاروها، فإذا تعود الطفل منذ الصغر على منظر الكتب لن يكون الأمر صعباً على المربين في رفد المعلومات من خلالها، وهذا كله ينمي لدى الأبناء شعور الحاجة للعلم والتعلم وبيان فضل العالم والمتعلم ليكون حافزًا للأبناء على طلب العلم وتعليم من حولهم المعلومات التي يمتلكونها وإن كانت المعلومة ليست بالجديدة على المربين فعليهم تقبلها دون إخبار الأبناء بأنهم على علم ودراية بها فهذا سيحفزهم على تعلم شيء آخر ليعلمه لكم وبهذا ستكون العلاقة بينكم علاقة جيدة وجميلة لأن الطفل إذا شعر بتقبلك لما يقول سيتقبل منك المعلومات بشكل أسهل وأسرع.

إن من الأهداف التعليمة التي على الأم ان تضعها بالحسبان هي مسألة التعليم الممنهج وتعليم أبنائها العلوم الضرورية في بادئ الأمر فإذا أتمت تعليمه بعدها تبدأ  بالعلوم الثانوية على حسب ذائقته وما يجذبه وتعليمه مهارات البحث العلمي فيعلم الأبناء مثلا البحث عن تفسير آية من خلال إعطائهم عدة مصادر موثوقة للبحث من خلالها، وأيضًا أن يكون من أولويات الأم المربية تنمية جانب الإبداع والابتكار وملاحظة ميوله الى أي جانب كأن يكون فنًا معينًا، كذلك التربية على كيفية المذاكرة بمفرده ووسائلها الصحيحة وترسيخ الدعامة العلمية..


وللدعامة العلمية أبعاد كثيرة منها أهمية العلم والتعلم في حياة الإنسان فقد ورد عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال: "طلب العلم فريضة على كلّ مسلمٍ ومسلمةٍ"، وهذا دليل قاطع بأن الدراسة الأكاديمية ليست كافية فإن الإنسان عليه أن يتنور الى آخر مراحل حياته.. وأيضًا من الأشياء المهمة هي مسالة نشر العلم كما في الآية الكريمة: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ﴾، فإن الله عز وجل يحذر من كتم العلم ويحث في آيات اخرى على نشر العلم والتعلم فإن نتائج التربية العلمية للأبناء تعود بالفائدة على الأفراد ومن ثم المجتمعات.

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: إذاعة الكفيل - برنامج غمار تربوية - الحلقة الثالثة - الدورة البرامجية 77.

 

 

 

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا