نرى في الوقت الحاضر تمرّد أغلب الشباب على الأسرة والمجتمع والقوانين والأعراف، وأصبح الانتقاد الدائم لكافة أوضاع الحياة سمة تلازمهم، وقد يُواجه هذا التمرّد والانتقاد بردّات فعل قوية من قِبل الأسرة والمجتمع، وقد يخلق حاجزًا بين الشباب وبين مَن هم أكبر سنًّا، متّهميهم باللامبالاة وانعدام المسؤولية، بينما ترى فئة الشباب أنّ أهلهم قد انقادوا واستسلموا ولم يفعلوا شيئًا لتغيير الواقع الراهن، وبهذا أصبحت هناك فجوة كبيرة بين جيلين لا يمكن ردمها من قِبل طرف واحد، بل تقع المسؤولية على عاتق جميع الأطراف، ابتداءً من الأسرة وانتهاءً بسائر أفراد المجتمع، فعلى الآباء أن لا يجعلوا النقد والرفض سياستهم المطلقة، فليس على الشباب أن يسيروا على النسق الذي سار عليه آباؤهم، وعلى الآباء أن يتفهّموا ذلك، ويعملوا على ابتكار طريقة لغرس القيم الأخلاقية، وترسيخ المبادئ الإسلامية الصحيحة التي عن طريقها تنمو الشخصية الواعية المتّزنة لدى الشباب الذي يعيش تحدّيات فكرية وعقائدية كبيرة، وضغوطات تربوية ومجتمعية وإعلامية عديدة، بعد الانفتاح الكبير على العالم عبر مواقع التواصل..
كما لا ينبغي أن ننسى أنّ الإنسان جُبل على حبّ الاستطلاع والاكتشاف؛ فكيف إذا كان في عنفوان الشباب، وقد تؤدّي تلك الفطرة إلى تأثّر معظم الشباب بثقافات لا تمتّ للإسلام بصِلة، إضافةً إلى اكتسابهم عادات وسلوكيات منحرفة عن الدين؛ لذلك ينبغي أن لا يتمّ التعامل معهم على أنّهم مجرّد أشخاص منساقين وراء اللهو، والتمرّد، والعصيان، وعدم الاكتفاء بالوعظ المجرّد والرفض، إنّما يجب احتواؤهم وتقبّل أفكارهم وإعطاؤهم مساحة كبيرة للعمل والتجربة.
أمّا الجهة الأخرى التي تسهم بشكل
فعّال في معالجة حالات الرفض والتمرّد لدى الشباب، فهي المؤسّسات
المجتمعية، والنوادي الثقافية والتعليمية والرياضية التي تعمل على
نشر الوعي اللازم بكلّ المخاطر التي تواجه المجتمع، وتقديم الحلول
والنصائح والإرشادات اللازمة، والدعوة إلى انخراط الشباب فيها، ممّا
يؤدّي إلى غرس الثقة بالنفس، وملء أوقات الفراغ بما يفيد، والمساعدة
على التفكير الإيجابي، ومساعدتهم على تطوير إمكاناتهم، واكتشاف
مواهبهم وتوجيهها توجيهًا إيجابيًا عن طريق عقد ندوات تثقيفية
وتوعوية، ولا يمكن أن نغفل عن دور المعنيين في العمل الجادّ والدؤوب
للحدّ من حالة التمرّد لدى الشباب عن طريق إيلائهم العناية الكاملة،
فهذه الفئة تُعدّ شريحة مهمّة في المجتمع، فلابدّ من إعطائهم دورًا
أساسيًا في تقرير المصير، والأخذ بأفكارهم من أجل التجديد،
والاستفادة من طاقاتهم وإبداعاتهم، والعمل على وضع برامج جديدة
ومبتكرة لتمكينهم اقتصاديًا واجتماعيًا، إضافة إلى تشجيعهم على
الأعمال الخيرية، والتمسّك بالأخلاق الحَسنة، والابتعاد عن كلّ ما
يسيء إليهم وإلى المجتمع.
______________________________________
المصدر: مجلة رياض الزهراء (مجلة
شهرية تختص بشؤون المرأة المسلمة تصدر عن قسم الشؤون الفكرية
والثقافية في العتبة العباسية المقدسة)/ العدد 200.
أشواق فضل الدعمي
نشر الثقافة المهدوية في الواقع والمواقع