الشباب هم حجر الزاوية الذي يستند
عليه قوام المجتمع والدعامة التي يرتفع عليها صرح الحضارات وهم
السور الحصين الذي يحيط بالوطن ويحميه من كل دخيل غريب أو عدو مريب
وهم الطبقة العاملة الواعدة والفاعلة والراشدة..
من أجل ذلك أولاهم الشارع المقدس
وأهل العلم والخبرة والمجتمع عناية خاصّة وهم بحاجة لمداراة خاصّة
بالرغم من بلوغهم وتوقد أذهانهم..
وإننا لنأسف لبعض العوائل الكريمة التي لا تولي للشاب ذلك الاهتمام
بل وتتبع أسلوباً في التعامل معه قد يكون ضرره غالباً على نفعه
كأسلوب التبري والطرد..
حيثُ يقوم أحد الوالدين بطرد أحد
الأولاد من المنزل إلى خارجه والبراءة منه نتيجة مشكلة معينة أو
تصرف غير أخلاقي أو عملٍ ما خالف به العقل أو الشرع..
وخطورة هذا الأسلوب هو في انعكاسه على الولد المطرود بشكل عام،
فالولد عندما يقوم بعمل سيئ فله مبرراته أو دوافعه وأسبابه ولو
بنظره هو، وقد يكون أحد الأسباب هو تقصير الأهل أنفسهم، كما وقد
يكون الولد اضطر لذلك أو أُحرج من وضع معين ففعله..
لذا على الأب معرفة ذلك بدقة قبل
اتخاذ أي موقف حتى لا يتحول الأب بنظر ولده إلى ظالم مجحف مما يدفعه
إلى الهروب أو الهجرة وهذا أمر خطير وسلبياته كثيرة..
وحتى لو كان الأب محقاً فيما قام به وكان الولد مقصراً من كل
الجهات.. فإن هذا الأسلوب يترك أثراً سيئا على الولد حتى لو شعر
بخطئه وشناعة فعله الذي كان سبب طرده لِـما للطرد من إهانة اجتماعية
بنظر عامة الناس الذين ينظرون إلى المطرود بأنه شخص
منحرف.
نعم إنّ هذا الأسلوب وإن كان له
فوائد نادرة وفي ظروف خاصة جداً، إلا أنّ مخاطره أكبر وأشد ومنها
انعكاسه على شخصية بعض الشباب الذين قد يقومون بأعمال أشد شناعة
وخطورة مما قاموا به سابقاً ويتحولون إلى معاندين في الباطل..
فعلى الأب أن لا يخاطر بهذا المستوى مع وجود الأساليب الأخرى التي
تؤدي الغرض ما دام أنّ الهدف هو إصلاح ولده.. لا الانتصار
عليه..
لذلك عليه أن يستخدم الكارت الأصفر كـ(إنذار)، عوضاً عن الكارت
الأحمر (طرد)، فالبيت هو مكان الألفة العائلية وليس حلبة صراع
للأقوى أو ملعباً لمباريات قد يصفّر الحكم فيها بأي لحظة.
___________________________________
المصدر: نشرة الخميس/ نشرة أسبوعية ثقافية تصدر عن قسم الشؤون
الفكرية والثقافية في العتبة العباسية المقدسة- العدد
582.
الشيخ علي السعيدي