خدمة مجانية
2022/10/05
369

كثيراً ما نقرأ هنا وهناك هذه العبارة (الخدمة مجانيّة) سواء في بعض الأسواق العامة أو بعض المؤسسات الأهليّة أو الحكوميّة.. أو لربما نقرؤها في أجهزة الإتصال والتواصل.. ويغيب عن أذهاننا سؤال مهم وهو: هل هذه الخدمة المقدمة أو تلك.. فعلاً مجانيّة أم لا!؟ أم أنها فقط مدفوعة الثمن مسبقاً!؟

إذا كانت المعايير والقوانين الإلهيّة تختلف عن المعايير الدنيويّة البشريّة وهذا أمر بديهي والكتاب والسنّة الشريفة أوضحا صدق الدعوى الإلهيّة في بناء الإنسان وتكامله لا على حساب شيء بل على أساس المودّة والرحمة والتكافل الإجتماعي الذي يريده الله أن يسود بين عباده المؤمنين..
فلا تكن النظرة لهذه المعايير عابرة سطحيّة فالباري سبحانه وتعالى ينظر إلينا نظرةً رحيمة ويريد منا أن تكون نظرتنا كذلك من باب التكافل الإجتماعي ولا تكن على حساب المنفعة أو المصلحة كما يفعل الكثير منّا.. 

قد يكافئ الوالد ولده الشاب إذا تخرج من الجامعة بهديةٍ ثمينةٍ أو بسيطة حسب امكانية الوالد.. وتكون النتيجة المقروءة للآخرين أنّ الوالد قد خسر ثمن الهديّة!! وفي حقيقة الأمر أنّ الوالد لم يخسر بل ربح..
وهنا قد يسأل سائل فيقول: لطفاً هل من الممكن أعادة موازنة المعادلة لفهمها!؟
فنقول: إنّ الوالد اعتنى بولده وتكفّل به منذ ولادته الى تخرجه ولم يرجو ربحاً أو خسارةً في ذلك، بل يشعر أنّ الولد هو انتماءه أو امتداده الطبيعي.. بل هو نفسه.. فهو ينفق عليها.. ولكن قد تشوّه بعض الأفكار والآراء المنحرفة من هنا وهناك هذه الرابطة والعلاقة المقدّسة على أنها علاقة مصلحة ليدقوا أسفيناً بين الولد ووالده.. 

فيا شبابنا العزيز، ألله.. ألله في آبائكم وأمهاتكم وأرحامكم..
لا نهمّش الوشائج المقدسّة واللّطيفة بين أبناء المجتمع الواحد فهي سر من أسرار هذا الوجود..
والمتبصّر يرى ذلك جلياً حتى في عالم الضواري والوحوش فكيف بعالمنا الإنساني!!
والأوامر بذلك إلهيّة: ﴿وَاعْبُدُوا اللَّـهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّـهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا﴾ (النساء: 36).. فــــــلا تنسوا الفضل بينكم.    

 

___________________________________
المصدر: نشرة الخميس/ نشرة أسبوعية ثقافية تصدر عن قسم الشؤون الفكرية والثقافية في العتبة العباسية المقدسة- العدد 577.
الشيخ علي السعيدي 

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا