خلق الله الإنسان وميّزه عن باقي المخلوقات بما أعطاه تعالى من قوة عقليّة عظمى يستطيع معها أن يعبر فصولاً من الزمن الى الأمام، زارعاً للبذرِ حاصداً للثمارِ..
فالبعض تتوافر لديه الملكات الكامنة داخلياً، مما يوجب عليه تحفيز هذه الملكات للإستفادة منها عملياً، والبعض الآخر يسعى لاكتساب بعض القدرات خارجياً، وما بين هذه وتلك ينبغي للإنسان أن يتمتع بقوةٍ ومقاومةٍ تجاه الشدائد والأهوال وأن يواجهها بحزمٍ دون انكسارٍ، وأن يثبُت ثبات المؤمنين المخلصين المرتبطين بالله خير ارتباط..

لقد قال تعالى: ﴿يُثَبِّتُ اللَّـهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّـهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّـهُ مَا يَشَاءُ﴾ (إبراهيم: 27)..

فالله تعالى هو مصدر الخير ومسبب الأسباب، وحيث أنّ أكثر من تقع عليهم المسؤولية الكبرى في حمل لواء المواجهة في معترك الحياة وصعوبتها، ومن يمتلكون تلك الطاقات والإمكانيات هم الشباب بناة المستقبل فممّا لا شك فيه أنّ مواجهة تلك الصعوبات والتحديات يتطلب منهم أن يكونوا أكثر وعياً في تحمل المسؤولية ويتمتعون بثقةٍ بالنفس، وبالتالي فإنّ الوعي والثقة بالنفس يمثلان السفينة التي من المأمول أن تصل بالشاب الى شاطئ الأمان..

لذا على الشباب من الذكور والإناث أن يكونو أصحاب قناعات ثابتة وواضحة، لديهم إيمان بالمبادئ التي يتبنّوها، ينتخبون أهداف واضحة ومحددة، يتقبلون النقد الموضوعي، يتمتعون بدبلوماسية عالية الجودة في تعاطيهم مع الآخرين، يتحكمون بالوقت ويلتزمون بالمواعيد، يجيدون أسلوب الحوار الهادف من نقطة الإختلاف مع الآخر.
أمّا الثقة بالنفس فالواثقين بأنفسهم أصحاب أحلام كبيرة بحجم الثقة التي يتمتعون بها.. كما أن الثقة لا تقل أهمية عن الوعي بالنسبة لبناة المستقبل فهي تؤمّن لهم حركات حيويّة للجسدِ والروح مثل الإبتسامة وعدم العبوس، التصميم والمواجهة والعزم، والمظهر اللائق والملبس الحسن، كذلك الحرص على التقدم الى الصفوف الأولى، ذوي لغةٍ قويةٍ وسليمةٍ، استعمال كل ما هو سهل للوصول الى القلب قبل الأذن..

والكلمة الأخيرة فإن على بناة المستقبل أن يعوا أهمية الوعي بمجمله، فبه يتمكن شبابنا من السير قدماً في الإتجاه الصحيح، وامتلاك المقدرة على تمييز الصالح من الطالح دون أي اختلاط، والثقة بالنفس هي ذلك الفرس الأصيل الذي بامتطائه يبدو الشاب وكأنه فارس شجاع يجتاح ساحات الصعاب دون تردد فيصوغ الإنجازات ويحافظ على المكتسبات.

___________________________________
المصدر: نشرة الخميس/ نشرة أسبوعية ثقافية تصدر عن قسم الشؤون الفكرية والثقافية في العتبة العباسية المقدسة- العدد 572.
علي عبد الحسين الغزالي