دور الدين في العملية التربوية
2021/10/01
309

قد لا يهتم الكثير من الناس اخواتي بشأن التربية الدينية لأبنائهم بالقدر الذي يولونه للتربية البدنية أو الصحية أو النفسية أو الاجتماعية أو الثقافية، مع أنّ انتماء الإنسان للإسلام أو أي دين آخر يحتّم عليه أن يوائم ويوفّق بين سلوكه الشخصي وتعاليم هذا الدين وأن يهيّئ ابنه ويعدّه لتقبّل الدين الذي اقتنع به، أو على الأقل يطلعه على عقائده ومبادئه ورؤيته للعالم.

وصحيح أن الولد قبل البلوغ مرفوع عنه القلم إلاّ أن ذلك لا يعفي ذويه من المسؤولية والعمل على تهذيبه وتحصينه وتزويده بمختلف المعارف وعلى رأسها المعارف الدينية، بل إنّ الإسلام يحمّل المرء مسؤولية شرعية في حفظ نفسه وعياله من الانحراف والابتعاد عن دين الله سبحانه وخطّ الأنبياء والمرسلين، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} 

ولذا فإنّ التربية الدينية كغيرها من أنحاء التربية يفترض أن تواكب الطفل منذ سني عمره الأولى التي يأخذ فيها بالتمييز والتعرّف على الأشياء..
أختي الكريمة في الوصايا الإسلامية ثمّة تأكيد وحرص شديدين على ضرورة الاهتمام بالتربية الدينية العبادية للطفل، وتعليمه وتشجيعه وتمرينه قبيل البلوغ على أداء الفرائض من الصلاة أو الصوم أو غيرهما من العبادات حتى إذا بلغ سنّ التكليف الشرعي كان على معرفة بهذه العبادات ومهيّئاً لها دون أن يشعر بعبء التكليف أو ثقله.

صحيح أنّ الطفل غير مكلّف بالعبادات ولا يعاقب على تركها إلى حين البلوغ إلاَّ أنّ أهله وذويه مسؤولون ومدعوون إلى الاهتمام بتعليمه وتربيته وإعداده وتهيئته لأداء الواجبات واجتناب المحرّمات: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} وفي الحديث عن الإمام الصادق (ع): "لما نزلت هذه الآية {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ} جلس رجل من المؤمنين يبكي، وقال: أنا عجزت عن نفسي وكُلّفت أهلي! فقال رسول الله (ص): "حسبك أن تأمرهم بما تأمر به نفسك وتنهاهم عمّا تنهى عنه نفسك"
إذن، اخواتي ثمّة مسؤولية على الإنسان بأن يهتم بالمستقبل الديني والإيماني لأبنائه كما يهتم بمستقبلهم الدنيوي، وأن يعتني بنظافتهم الروحية كما يعتني بنظافتهم أو صحّتهم الجسدية والنفسية ولا تنتهي مسؤولية التربية الدينية والقائمين عليها عند توجيه الطفل نحو العقائد الإيمانية الصحيحة، بل لا بدَّ من أن يواكبها عمل آخر يكمّلها ويحصّنها، ألاَ وهو إبعاده أو تحذيره من العقائد المنحرفة والباطلة المتمثّلة بالإلحاد أو الكفر بالله ورسله وكتبه ونعمه أو غير ذلك
ففي الحديث عن الإمام جعفر بن محمد الصادق (ع): "بادروا أحداثكم بالحديث (يقصد الحديث عن العقائد الصحيحة) قبل أن يسبقكم إليهم المرجئة"
وعن أبي عبد الله الصادق (ع) عن أبيه (ع) عن جدّه عن عليّ (ع) قال: "علِّموا صبيانكم مِنْ علمنا ما ينفعهم الله به، لا تغلب عليهم المرجئة برأيها".

 

 

 

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: برنامج عبق الزنبق- الحلقة الثانية- الدورة البرامجية57. 

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا