من وصايا المرجعية الدينية العليا بمناسبة حلول شهر محرم الحرام
2025/06/29
44

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين، وصلّى الله على سيّدنا محمّد خاتم النبيّين وعلى آله الطيّبين الطاهرين.

السلام على بقيّة المصطفَين من خلقه وخليفته على عباده إمام العصر (عجّل اللهُ فرَجَه).

السلام على الحسين بن علي (عليه السلام) سيّد شهداء هذه الأمّة والـمَثل الأعلى في التضحية والفداء والنُّبل والبسالة والعزّة وجميع المعاني السامية الإلهيّة والإنسانيّة، وعلى أولاده وأصحابه وأهل بيته أجمعين، وبعد:

فإنّه يُقبل علينا -عن قرب- شهرُ المحرّم الحرام، ذكرى شهادة الإمام الحسين (عليه السلام) والصفوة من أهل بيته وأصحابه الكرام، وهي ذكرى لأعظم حدث يمثّل مظلوميّة أهل بيت النبيّ (صلوات الله تعالى عليهم) في هذه الأمّة، وذلك بالرغم من كونهم العترة المصطفاة وعِدل القرآن الكريم ووصيّة النبيّ (صلى الله عليه وآله)، فقد أُزيحوا عن مواقعهم التي رتّبهم الله سبحانه فيها وحيل بينهم وبين ريادة الأمّة وقيادتها، بل تمّ اضطهادهم وقتلهم جرّاء عدم خضوعهم للظلم والباطل والمنكر، ودعوتهم إلى العدل والحقّ والمعروف.

وتُمثّل هذه الذكرى مبلغ تضحية أهل البيت (صلوات الله تعالى عليهم) في سبيل الله تعالى وإعلاء كلمته وتحكيم مبادئ الرشد والحكمة والعدل والمعروف، وهو غاية إرسال الأنبياء (عليهم السلام)، كما قال تعالى: ﴿لَقَدْ أرْسَلْنا رُسُلَنا بِالبَيِّناتِ وَأنزَلْنا مَعَهُمُ الكِتابَ وَالمِيزانَ لِيَقُومَ النّاسُ بِالقِسْطِ﴾ (الحديد: 25).

وقد أوصى أئمّةُ الهدى (عليهم السلام) بإحياء هذه الذكرى من خلال إقامة مجالس العزاء فيها واستذكار ما جرى عليهم من المصائب والمآسي ليكون عِبرةً وعَبرةً للمؤمنين، فكان حقًّا على المؤمنين كافّةً الاهتمام بإقامة هذه المجالس والحضور فيها والحزن معهم (صلوات الله عليهم) في أيّام حزنهم؛ امتثالًا لوصيّتهم، وعملًا بما أُمروا به من مودّتهم ومواساةً معهم، فإنّ في ذلك صلاحَ دينِهم ودنياهم، ولينزّل كلُّ واحدٍ منهم ما وقع على أهل البيت (عليهم السلام) منزلةَ ما لو وقع شيءٌ من ذلك عليه وعلى أعزّته وأُسرته رحمةً ومحبّةً وحزنًا وخشوعًا، فإنّ الله تعالى ورسوله وأهل بيته (صلوات الله عليهم) أعزُّ على المؤمن من نفسه وأهله.

كما ينبغي للمبلّغين الاهتمام بذكر هذه المصائب، ولا سيّما في أيّام شهر المحرّم؛ لتكون شعارَ تلك المجالس ووجهها، فإنّها أساسُها ومنطلقُها، وبها تخشعُ قلوبُ المؤمنين، وتُستنزلُ بركات الله سبحانه على أهلها بتقوية إيمانهم وترسيخ عقيدتهم وحثّهم على أعمال البرّ والخير.

وقد أصبحت ذكرى فاجعة الطفّ منارًا لذكر الله سبحانه وذكر أوليائه، وسببًا موجبًا لحياة الدين وحفظ تعاليمه وقيمه في نفوس أتباع أهل البيت (صلوات الله تعالى عليهم) وسائر المسلمين.

فكان ذلك فرصةً لأهل العلم (وفّقهم الله سبحانه) لأداء وظيفتهم في التبليغ والدعوة إلى الله تعالى، والتذكير بمحلِّهم (عليهم السلام) في الدين وفي الأُسوة والقدوة.

وتلك سُنّةٌ حسنةٌ يجب الحفاظ عليها وصيانتها، وتحرّي الحكمة في شأنها، وحسن الانتفاع بها في أداء مقاصد الدين وبيان مكانة أهل البيت (سلام الله عليهم).

 

(من وصايا المرجعية الدينية العليا للخطباء والمبلّغين والشعراء والرواديد بمناسبة حلول شهر المحرّم الحرام عام 1441هـ)

 

 

__________________________________________
نشرة الكفيل/نشرة أُسبوعيةٌ ثقافيةٌ (مجانية)، تتناولُ المعارفَ القُرآنيةَ، والعقائديةَ، والفِقهيةَ، والتاريخيةَ، والأخلاقيةَ، والتربويةَ، والاجتماعيةَ، والصحيةَ بأُسلوبٍ مبسّطٍ ومختصرٍ، تصدر عن العتبة العباسية المقدسة/ العدد 1027.
تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا