الإسلام وأبهى صور التوقير للمسنين
2021/11/28
692

رحلة الإنسان إلى عالم الشيخوخة، الرحلة التي وصفها القرآن الكريم في مواضع كثيرة، والتي تتضمن الكثير من آيات الله -سبحانه وتعالى- وسنته في خلقه

(اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ).

لقد دعانا الإسلام لاحترام ذوي الشيبة من المؤمنين وكبار السن عامة، بل عد من يجهل حقهم منافقاً، ففي الحديث عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: "ثلاثة لا يجهل حقهم إلا منافق معروف بالنفاق: ذو الشيبة في الإسلام، وحامل القرآن، والإمام العادل" ولهذه الدعوة فائدتان أساسيتان:

الأولى: أن في احترام كبار السن إشعارا لهم بمكانتهم وأنهم مهما كبروا فن مكانتهم بين أفراد المجتمع محفوظة لأنهم أصحاب التجارب الطويلة والخبرة العميقة بتفاصيل الحياة.

والثانية: أن احترام الكبار فضلاً عن كونه من الأخلاق النبيلة، فإنه مما وعد عليه الله تعالى الثواب الكبير وهذا ما تدل عليه الروايات الكثيرة منها ما روي عن رسول الله الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: ".: من وقر ذا شيبة في الإسلام آمنه الله عز وجل من فزع يوم القيامة".

وكما حثت الروايات الشريفة على احترام الكبار فإنها نهت عن الاستخفاف فيهم ففي الرواية: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): "من إجلال الله عز وجل إجلال المؤمن ذي الشيبة ومن أكرم مؤمنا فبكرامة الله بدأ ومن استخف بمؤمن ذي شيبة أرسل الله إليه من يستخف به قبل موته".

بالإضافة إلى ما ورد من أحاديث وتوصيات بتوقير ذي الشيبة فإن الأحكام الشرعية في الإسلام دائما تأخذ في الاعتبار مبدأ التخفيف عن صاحب الحرج، كالمسن .. نرى ذلك بشكل واضح في جل التشريعات الإسلامية.. فقد خفف الشرع عن المسن في الكفارات والفرائض والواجبات.

لقد شمل الإمام أمير المؤمنين "عليه السلام" كبار السن والعجزة في الأمة بحق الضمان الاجتماعي فكان (ع) يقول: "يكرم... الكبير لسنه"
ويؤكد الإمام "ع" أن من سمات المؤمن ترك الأذى وتوقير الشيوخ".

وينقل الإمام (عليه السلام) احترام كبار السن وضرورة توفير العيش الكريم لهم، كجزء من ذلك الاحترام والتوقير، من حيز البعد المعنوي إلى الواقع العملي ، حيث كان (ع) يوصي أبناء الأمة ولا سيما أصحاب السلطة منهم قائلاً ": كن لله ذاكراً على كل حال وارحم من أهلك الصغير ووقر منهم الكبير"

ويذهب الإمام(ع) إلى أن أي إهانة توجه لكبار السن ما هي إلا دليل على وجود قيادة فاسدة في الأمة إذ يقول (عليه السلام): "سيسلط عليكم سلطان صعب لا يوقر كبيركم ولا يرحم صغيركم .. وليضربنكم وليذلكم والمجتمعات غير الصالحة عند الإمام علي (ع) هي تلك التي" لا يعظم صغيرهم كبيرهم.

اما في حقيقة الأمر العملي فإن الإمام علي "عليه السلام" كان يجل كبار السن ويعظمهم وينفق عليهم من مال المسلمين حتى إذا " مر شيخ مكفوف كبير يسأل، قال أمير المؤمنين(عليه السلام): من هذا؟ قالوا يا أمير المؤمنين نصراني فقال أمير المؤمنين: استعملتموه حتى إذا كبر وعجز منعتموه أنفقوا عليه من بيت المال".
وهذا ما يؤشر إلى إنسانية الإسلام في التعامل مع كبار السن وان لم يكونوا من المسلمين وكذلك فقد أمر الإمام "ع" بالصرف على من يعجز عن العمل بسبب المرض او غيره.

فأوصى(عليه السلام) بـ" رحمة المجهود وأصحاب البلاء، أما بالنسبة للقادرين على العمل ولكنهم لم يجدوا فرصة للعمل فإن الإمام (ع) قد شملهم أيضاً في ضمن بند آخر بحق الضمان الاجتماعي.

بهذا أخواتي الكريمات يتبين لنا كيف أن الإسلام أوصى بتعاليمه السمحاء الاهتمام الكبير لمن يصل الى هذه المرحلة العمرية، فبات حق علينا الرأفة بهم وخفض جناح الذل من الرحمة.

 

 

 

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: برنامج على سكة الزمن- الحلقة الأولى- الدورة البرامجية 66.


 

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا